اخر الأخبارالنسخة الرقميةتقارير خاصةسلايدر

انهيار المنظومة الكهربائية ينسف الوعود الحكومية

رغم المليارات وخطط الإصلاح المعلنة


المراقب العراقي / أحمد سعدون..
بعد ساعات قليلة من تصريحات رئيس الوزراء محمد شياع السوداني التي أكد فيها مواصلة تطوير إنتاج الكهرباء والمضي في بناء شراكات لتأمين الغاز للمحطات من خلال افتتاحه الوحدة الغازية التوربينية في محطة بسماية وبالتزامن مع إعلان وزارة الكهرباء عن تسجيل مستويات إنتاج الطاقة الكهربائية في العراق رقماً قياسياً غير مسبوق في البلاد لتجاوزها معدلات الإنتاج سقف 28 ألف ميغاواط توقفت بعد ذلك منظومة الكهرباء في وسط وجنوب العراق مساء الاحد بشكل تام وسط ذروة الزيارة الاربعينية التي توافد لها ملايين الزائرين في ظل ارتفاع درجات الحرارة وتجاوزها الـ50 درجة مئوية .
ورغم الوعود المتكررة من الحكومات المتعاقبة بتحسين قطاع الكهرباء وصرف مليارات الدولارات، يواجه المواطنون أزمة خانقة نتيجة الانهيار شبه الكامل لمنظومة الطاقة، حيث تغيب الكهرباء ساعات طويلة يوميًا، ما ألقى بظلاله الثقيلة على الحياة اليومية والقطاعات الاقتصادية والصحية والتعليمية في البلد.
وفي السنوات الأخيرة، تعهدت الحكومة بإصلاح جذري لقطاع الكهرباء عبر خطط معلنة تضمنت مشاريع طاقة جديدة، وصيانة الشبكات القديمة، وتقليل الاعتماد على الوقود المستورد، إلا أن الواقع على الأرض يكشف عكس ذلك تمامًا، حيث تزايدت الانقطاعات ووصلت في بعض المناطق إلى أكثر من 20 ساعة يوميًا.
من جانبها أعلنت وزارة الكهرباء سابقًا عن خطة خمسية تهدف إلى تحسين الإنتاج وزيادة ساعات التجهيز، إلا أن المواطنين لم يلمسوا أي تحسن فعلي، بل تضاعفت المعاناة.
ويرى مختصون أن أسباب الانهيار تعود إلى عوامل عدة ، منها ، الفساد وسوء الإدارة حيث تُهدر المليارات دون نتائج ملموسة والاعتماد على محطات متهالكة الكثير منها خرجت عن الخدمة دون بدائل حقيقية بالإضافة الى تهالك شبكة النقل والتوزيع وغياب الاستثمار الحقيقي في الطاقة المتجددة، كما أن تأخير صيانة المحطات وغياب التخطيط طويل الأمد جميعها عوامل ساهمت بهذا الانهيار وتراجع مستوى الطاقة في البلاد .
وفي ظل هذا الانطفاء التام والمتكرر تولدت ردود أفعال غاضبة من قبل المواطنين مشككين بالوعود الحكومية في توفير الطاقة رغم التطمينات المستمرة في توفيرها خلال موسم الصيف ، فيما تزايدت الدعوات من قبل ناشطين ومشرعين لمحاسبة الجهات المسؤولة عن ملف الكهرباء، والمطالبة بكشف علني للميزانيات التي صُرفت خلال السنوات الماضية دون نتيجة.
كما دعت منظمات دولية الحكومة إلى إشراك القطاع الخاص وتعزيز الشفافية في التعاقدات، وتبني مشاريع مستدامة تستند إلى الطاقة الشمسية والرياح لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.
بدورها حمَّلت لجنة الطاقة والكهرباء النيابية، وزير الكهرباء المسؤولية المباشرة عن تدني ساعات تجهيز المواطنين بالطاقة ، خصوصًا خلال هذا الفترة التي تشهد فيها البلاد ارتفاعًا غير مسبوق في درجات الحرارة، مؤكدين أن أعذار الوزارة لم تعد مقبولة وتتكرر كل عام دون حلول حقيقية، وفي ذات الوقت اتهمت اللجنة الجانب الأمريكي بعدم السماح للعراق بتحسين هذ القطاع من خلال فرض عقوبات على الدول التي تمد الغاز الى العراق وعرقلة أي تعاقد مع شركات عالمية رصينة .
وشددت اللجنة على ضرورة التوجه نحو الطاقة المتجددة باعتباره حلا استراتيجيا طويل الأمد، لكنه لا يغني عن الحاجة إلى إجراءات عاجلة وآنية لتخفيف معاناة المواطنين خلال أشهر الصيف حسب تعبيرهم.
وضمن هذا السياق اتهم المحلل السياسي حيدر عرب في حديث لـ”المراقب العراقي” جهات سياسية داخلية ودولاً إقليمية، وعلى رأسها أمريكا، بالضلوع في تفاقم أزمة الكهرباء التي تشهدها البلاد، مشيراً إلى أن الانقطاع التام للطاقة الكهربائية الذي شهدته أغلب المحافظات مؤخراً يكشف عن حجم التحديات المفتعلة التي تهدف إلى إرباك المشهد الداخلي وخلق حالة من السخط الشعبي”.
وقال عرب إن “أزمة الكهرباء الحالية ليست وليدة اللحظة، وإنما هي نتيجة تراكمات سياسية واقتصادية مقصودة، ساهمت فيها أطراف داخلية فاسدة وجهات خارجية تسعى لإبقاء العراق رهيناً للفوضى والاعتماد الخارجي، مضيفاً أن واشنطن تلعب دوراً مباشراً في تعطيل ملف الطاقة من خلال فرض قيود مالية وضغوط على الحكومة العراقية، خاصة فيما يتعلق بتحويل الأموال المخصصة لشراء الغاز الإيراني”.
وأضاف أن “بعض الشخصيات السياسية المرتبطة بأجندات خارجية تعمد إلى تأزيم هذا الملف، من خلال تعطيل المشاريع الاستراتيجية في مجال إنتاج ونقل الكهرباء، مقابل الإبقاء على التعاقدات غير المجدية مع شركات أجنبية فشلت في تقديم حلول واقعية”.
وأمام هذا الانهيار المستمر لمنظومة الكهرباء، يجد المواطن نفسه بين وعود لا تتحقق، وواقع يزداد ظلامًا يومًا بعد يوم، فهل تتخذ الحكومة إجراءات جادة؟ أم أن العتمة ولهيب الحر سيبقى قدرًا مفروضًا على ملايين العراقيين؟.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى