مساعي التعاون مع حكومة الجولاني حسابات اقتصادية محفوفة بالمخاطر

سوريا تطرق باب العراق لتأهيل خط كركوك –بانياس
المراقب العراقي / أحمد سعدون..
في الوقت الذي تشهد فيه الساحة السورية تحولات دراماتيكية في بنيتها السياسية والجغرافية، وتصدُّرَ الشخصيات الإرهابية واجهة المشهد السياسي فيها بزعامة ما يسمى “أبو محمد الجولاني” القائد السابق لجبهة النصرة الإجرامية ، بدأت هذه الحكومة تسوق نفسها كسلطة مدنية محلية ، بينما تتصاعد الشكوك المحلية والدولية حول حقيقة هذه الإدارة، وأجندتها، وارتباطها الأيديولوجي بالتنظيمات الإرهابية وهذا ما اثبتته رغم مرور اشهر عدة في ادارتها للسلطة السورية بممارسة ابشع أنواع القتل والتهجير وبأسلوب دموي داعشي بحق أبناء المكونين الساحل الشرقي والدروز وأمام انظار العالم اجمع.
وواحدة من هذه المحاولات التي تسعى حكومة الجولاني الى تجميلها ورسم صورة جديدة عنها بعيدًا عن ماضيها المرتبط بالإرهاب، وتقديم نفسها كسلطة أمر واقع تقدم خدمات مدنية وتؤمن بأمن واستقرار دول الجوار وفق تسويق الاعلام الأمريكي والصهيوني والخليجي والتي أبدلت ثوبه من الإرهاب الى المدنية ، هو ما أعلنه وزير الطاقة في حكومة الجولاني يوم امس عن زيارة العراق قريبا، لبحث إعادة تأهيل خط أنابيب النفط الرابط بين كركوك وميناء بانياس المتوقف منذ عقود لتنويع منافذه التصديرية حسب تعبيره .
مراقبون اكدوا أن هذه خطة أعد لها الغرب برئاسة امريكا والكيان الصهيوني من اجل إجبار العراق على بناء هذا الخط النفطي المتوقف منذ عشرات السنين ، مبينين أن الكلفة التقديرية الأولية لإعادة تأهيل الأنبوب، تراوح بين 300 إلى 600 مليون دولار، بالإضافة الى استخدامه كورقة ضغط من قبل حكومة الجولاني التي تنتمي اليها التنظيمات الإرهابية بكل صنوفها على الحكومة العراقية كمصادرته او تفجيره في المستقبل اذا ما حصل خلاف بينها وبين الحكومة العراقية ، وهذا ما تمت مشاهدته خلال سيطرة هذه المجاميع الارهابية على الآبار النفطية في الشمال السوري قسم منها تم تفجيره والقسم الاخر سلمته للجانب الأمريكي للتحكم بوارداته وتهريبه الى الخارج.
وفي ذات السياق حذر المحلل السياسي سلام حسين في حديث لـ”المراقب العراقي” من “خطورة أي محاولة للتقارب أو بناء علاقة مع حكومة الجولاني في سوريا، مؤكداً أنها ما زالت متمسكة بعقليتها الإرهابية ولا يمكن الوثوق بها”.
وقال حسين إن “حكومة الجولاني لا تزال في جوهرها جماعة إرهابية، وأي محاولة لإقامة علاقة معها أو مع الحكومة السورية المتطرفة ستكون خطأ استراتيجياً يضع العراق في مواجهة مخاطر أمنية جسيمة”.
وأشار إلى أن “زيارة وزير الطاقة السوري إلى العراق وتفعيل خط كركوك – طرطوس وصولاً إلى ميناء بانياس النفطي، سيجعل العراق تحت قبضة الجماعات الإرهابية التي تسيطر على مناطق عبور الخط، وهو ما يمثل تهديداً مباشراً لأمن الطاقة وأمن البلاد بشكل عام”.
وشدد حسين على أن” العراق يجب أن يكون حذراً من الانخراط في أي مشاريع اقتصادية أو سياسية تمر عبر مناطق نفوذ جماعات إرهابية، لأن ذلك يمنحها أوراق ضغط خطيرة على سيادة الدولة”.
ومن جانب آخر اكد مختصون ان اغلب مشاريع النفط الخارجية فشلت بدءا من أنبوب النفط العراقي السعودي لضخ النفط الخام العراقي بطول 1،568 كيلومتراً، وطاقته تشغيلية 1.5 مليون برميل باليوم، اذ احتوى المشروع على عشرة خزانات سعة كل منها مليون برميل، وشيد مرفأ منفصل في ينبع لشحن النفط العراقي مع خطوط أنابيبه البحرية وكافة المعدات اللازمة لذلك، وشغل الأنبوب في 9 كانون الثاني سنة 1990، وبلغت تكلفته مليارين و600 مليون دولار والتي تعادل اليوم 10 مليارات دولار، بينما أُغلق بعد سبعة أشهر من عمله من نفس السنة، ثم صودر بوقت لاحق، كما أن أنبوب النفط العراقي السوري أو ما يسمى خط أنابيب كركوك بانياس، طول الخط 800 كيلومتر، وقدرة الضخ فيه 300 ألف برميل في اليوم، توقف بسبب الظروف السياسية والعسكرية بالمنطقة ومن الخطورة والهدر إعادته من جديد.



