صُنّاع الإرهاب يسعون الى إحاطة عنق بغداد بطوق داعشي جديد

القتلة يتباكون على حقبة ما قبل “2014”
المراقب العراقي/ سداد الخفاجي..
تعتبر مناطق حزام بغداد، من أخطر الأماكن التي شكلت تهديداً لأمن العاصمة قبل عام 2014، إذ كانت مصدراً لأغلب العمليات الإرهابية التي استهدفت المدنيين خلال السنوات السابقة، كما شكلت مصدر قلق لسكان بغداد، بعد احتلال عصابات داعش لمحافظات الانبار وصلاح الدين والموصل، سيما وأنها تعد بيئة خصبة للعصابات التكفيرية، بسبب طابعها الزراعي الذي شكل ملاذاً آمناً سهل عملية التخفي وتوجيه ضربات نحو مدن العاصمة الأخرى، الأمر الذي دفع الجهات الأمنية الى وضع خطة للسيطرة عليها وانهاء هذا الخطر.
بعد عام 2014، أدركت القوات الأمنية بأن العاصمة بغداد لن يتم تأمينها بشكل كامل، إذا لم تجفف منابع الإرهاب في الأطراف، وقد شرعت بعمليات أمنية متتالية، لكنها لم تحقق الأمن بصورة كاملة، ما دفع بقوات الحشد الشعبي الى التدخل لمساندة القوة الماسكة في تلك الفترة، واستطاعت ان تبسط سيطرتها على معظم مناطق حزام بغداد، ووجهت ضربات قاصمة للعصابات الاجرامية، اضطرتها للهروب الى المحافظات أو الى خارج الحدود.
وطيلة السنوات الماضية، بقيت تلك المناطق تحت سيطرة الحشد الشعبي بإسناد القوات الأمنية الأخرى، وتواصلت عمليات التطهير وضرب ملاذات داعش الاجرامي، حتى باتت من المناطق الآمنة، الجاذبة للعوائل العراقية سيما البغدادية، وبدأت تشهد حركة اعمار غير مسبوقة، بجهود قوات الحشد الشعبي التي أعطت الدماء، مقابل تأمين مناطق حزام بغداد.
اليوم وبعد هذا الإنجاز الأمني الكبير، بدأت أطراف داخلية بدفع من الجانب الأمريكي، بالضغط على الحشد الشعبي، للانسحاب من مناطق حزام بغداد، وإسناد مهمته الى القوات الأمنية، تحت ذرائع مختلفة، مما أعاد لأذهان العراقيين أيام المفخخات التي كانت تنطلق من هذه المناطق صوب أحياء بغداد، وعلى وجه الخصوص الشيعية منها والمحافظات الوسطى والجنوبية، وتجددت مخاوف المختصين بمجال الأمن من وجود لعبة جديدة تُطبخ على نار هادئة وتكون نقطة انطلاقها مناطق حزام بغداد.
المسؤول الأمني للمقاومة الإسلامية كتائب حزب الله، الحاج أبو علي العسكري، اصدر بياناً حذر فيه، من خطورة حزام بغداد، مشيراً الى ان “حادثة دائرة الزراعة وما أعقبها من تداعيات واتهامات، لم تخلُ منها مناطق حزام العاصمة خلال الأعوام الاثني عشر الماضية، لاسيما في (اللطيفية، البوعيثة، المدائن والتاجيات)، إذ شكلت هذه المدن، بؤراً لداعش تهدد أمن بغداد وسلامة أهلها، بعد أن تحولت أغلب مناطق الحزام إلى طوق داعشي وهابي يلف العاصمة، فكانت مسرحاً لمجازر ذهب ضحيتها آلاف الأبرياء الذين قتلوا صبرًا، وهتكت فيها الأعراض، ما أدى إلى أن نخوض ما بين عام 2003 وحتى 2014، مواجهات استخبارية وأمنية تخمد حيناً، وتستمر أحيانًا ضد منظمات محلية ودولية كان هدفها إحكام الطوق على بغداد والسيطرة عليها.”
وأضاف العسكري، أن “مجاهدينا طهّروها وأعادوها إلى أهلها، ونشروا الأمن والعدل والتعايش السلمي بين الطوائف، وهذا ما لم يرق للقتلة الذين يتباكون اليوم على حزام بغداد، بعد أن فقدوا سيطرتهم فيه، لقد أنجزنا الكثير، ومازال المزيد مما يجب عمله”.
وبحسب خبراء في مجال الأمن، فأن الخلل لا يكمن بالقوات الأمنية العراقية وقدراتها، لكن المخاوف تأتي عبر الضغوط الأمريكية وإمكانية استجابة الحكومة لها، الأمر الذي يفسح المجال أمام تنفيذ المخططات الأمريكية، لكن في حال وجود قوات الحشد الشعبي والمعروفة بعدائها لواشنطن، فأنها ستكون بالمرصاد لأي تحرك مشبوه في تلك المناطق التي تعتبر تهديداً لمساحات واسعة من الأراضي العراقية.
ويقول المحلل السياسي جمعة العطواني لـ”المراقب العراقي”: إن “هذا السيناريو حصل قبل اجتياح داعش الاجرامي للمحافظات السُنية وأطراف بغداد، والجميع يتذكر عندما كان رئيس البرلمان أسامة النجيفي آن ذاك، جاء بقائمة مطالب ممّا يسمّى بمنصات الاعتصام، وواحدة من هذه المطالب هو سحب الجيش العراقي من أطراف المحافظات السُنية”.
وأضاف العطواني، أنه “بعد الاستجابة لهذه المطالب، اجتاح داعش بأعداد قليلة المحافظات السُنية وحصل ما حصل في ذلك الوقت، مشيراً الى انه على ما يبدو ان العقبة الوحيدة أمام عودة الإرهاب الى أطراف بغداد هو الحشد الشعبي”.
وبيّن، ان “حزام بغداد يمثل ضماناً أساسياً لأمن العاصمة بأكملها، لما تمثله هذه المناطق من تضاريس معقدة وجيوب للإرهاب، الى جانب بعض البيوت التي تؤوي الجماعات الإرهابية، وبالتالي يتم استهداف العاصمة بسهولة”.
واختتم العطواني حديثه بالقول: “إذا تمت الاستجابة لهذه الضغوطات، فعلينا ان نهيئ أنفسنا أمام المزيد من المفخخات والعمليات الإرهابية داخل العاصمة”.
يشار الى ان مناطق حزام بغداد كانت منذ عام 2003 وحتى تشكيل الحشد الشعبي، منطلقاً للعمليات الإرهابية ضد مناطق العاصمة بغداد، إذ تم ضبط الكثير من معامل التفخيخ والأسلحة الثقيلة والمضافات، خلال العمليات الأمنية، بالإضافة الى اختباء أبرز قادة التنظيمات الاجرامية فيها، ما شكّلَ تهديداً حقيقياً لأمن العاصمة بغداد.



