اخر الأخبارالنسخة الرقميةتقارير خاصةسلايدر

استهلاك مفرط من المواطن وتقصير حكومي يحولان الكهرباء الى أزمة مستدامة

صيف لاهب من دون حلول


المراقب العراقي/ أحمد سعدون..
لا تزال أزمة الكهرباء في العراق، واحدة من أبرز التحديات التي تواجه البلاد منذ سنوات طوال، حيث لم تتمكن الحكومات المتعاقبة من إيجاد حلول جذرية لهذه المشكلة التي تؤثر بشكل مباشر على حياة المواطنين والاقتصاد الوطني.
وعلى الرغم من بلوغ ذروة الصيف وتجاوز الحرارة درجة الـ50 مئوية، وأيضا مع اقتراب زيارة الأربعين المليونية، تتزايد المخاوف من تكرار السيناريو المعتاد لانقطاع التيار الكهربائي بشكل نهائي، مما يفاقم معاناة العراقيين.
وفي ظل هذا التردي المزمن، مازالت الاتهامات متبادلة بين المواطن والحكومة بانهيار القطاع الكهربائي في البلاد، فالأخيرة تحمّل المواطن عدم ترشيد الاستهلاك واستخدام أجهزة الكهرباء بشكل متزايد، دون مراعاة لحجم المعاناة في توفير الطاقة الى الدور السكنية والمؤسسات الحكومية .
وفي المقابل، يحمّل المواطن، الحكومة، مسؤولية هذا التدهور، رغم مرور عقود من الزمن مع وعود الحكومات المتعاقبة على استقرارها، ولكن من دون جدوى على أرض الواقع.
وفي سياق هذه الاتهامات المتبادلة بين الطرفين، أكد مختصون بان الحكومة هي المسؤولة بشكل مباشر عن هذا التردي، وذلك لعدم إيجاد حلول جذرية لهذه المشكلة الأزلية والاكتفاء بطرح حلول مؤقتة مع بداية كل موسم صيف، تتمثل بتزويد أصحاب المولدات بالكاز المجاني لأشهر عدة بالإضافة الى القيام بعمليات تقليدية في صيانة محطات متهالكة لا تتحمل الضغط أمام ارتفاع درجات الحرارة العالية .
ويضيف مختصون، ان “غياب الحلول الاستراتيجية للحكومة، فاقم أزمة الكهرباء في البلاد، وذلك بالسماح بتمدد العشوائيات السكنية التي بدورها زادت من الضغط على شبكات الكهرباء والتوزيع والنقل، كما ان غياب الرقابة في عملية استيراد الأجهزة الكهربائية بشكل فوضوي، أربك عمل وزارة الكهرباء وزاد من طاقتها الاستيعابية في ظل النقص الحاصل بالمحطات الغازية، كما ان غياب الرقابة والعدادات الذكية على المحال التجارية والمعارض والمصانع الأهلية وحتى الدور السكنية، ساهمت بشكل كبير في زيادة الضغط على محولات الطاقة.
وفي السياق، أكدت مراكز الدراسات والتخطيط الاستراتيجي، أن تجاوز هذه الأزمة يتطلب تخطيطاً استراتيجيًا ممنهجًا، بعيدًا عن الحلول الترقيعية التي لم تؤدِ إلى أي تقدم ملموس خلال العقود الماضية.
وترى هذه المراكز، أن المشكلة الرئيسة في ملف الكهرباء بالعراق تكمن بغياب التخطيط الصحيح ووضع جداول إنجاز واضحة، مشيرة إلى أن الدول التي تمكنت من معالجة أزماتها في قطاع الطاقة وضعت خططًا طويلة الأمد، والتزمت بتنفيذها ضمن سقوف زمنية محددة.
وأشارت إلى أن ملف الطاقة، سواء الكهرباء أو الغاز أو النفط، يجب أن يكون في صدارة أولويات الدولة، مع إشراف مباشر من الجهات العليا، وتحديد نسب الإنجاز بشكل دقيق، لضمان تحقيق تقدم ينعكس على حياة المواطنين، لافتة الى ان من أهم عوامل نجاح أي مشروع استثماري أو بنيوي هو وجود رؤية واضحة، وخطط مدروسة، والتزام حقيقي من الجهات المعنية.
وفي السياق نفسه، أكد المهتم بالشأن الاقتصادي عبد الحسن الشمري في حديث لـ”المراقب العراقي”، ان “من أهم المشاكل الرئيسة التي تعيق حل أزمة الكهرباء، هو غياب التخطيط الاستراتيجي، حيث لا توجد خطط طويلة الأمد قائمة على أسس علمية واقتصادية واضحة، مما جعل المشاريع السابقة غير قادرة على تلبية احتياجات المواطنين.”
وأضاف، ان “الفساد الإداري في هذا القطاع، ساهم بشكل كبير في هدر مالي كبير، حيث تم إنفاق مليارات الدولارات دون تحقيق نتائج فعلية، بالإضافة الى تهالك البنية التحتية من خلال استخدام شبكات قديمة ومولدات غير كفوءة، مما أدى إلى فقدان كميات كبيرة من الطاقة المنتجة.
وأشار الى ان “الكثير من الكتل السياسية هي رهينة القرار الخارجي، فلا تريد اصلاح منظومة الكهرباء في البلاد، لأنها تريد الحصول على المنفعة من خلال فرض عمولات أو اتاوات على الشركات العالمية التي تريد الاستثمار في ملف الطاقة، مستبعداً اصلاح هذا القطاع في ظل هذه السياسات الترقيعية والمشبوهة”، على حد تعبيره.
ومن أجل تجاوز أزمة الكهرباء في العراق، يرى الخبراء، ضرورة إعادة هيكلة هذا القطاع بشكل شامل، مع تبني نهج جديد يقوم على إدارة حديثة ومستقلة، بعيدًا عن التدخلات السياسية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى