رواتب بلا موعد… وكرامة على الانتظار ..وحكومة تُرهق الكادحين!

حين تُهان لقمة العيش
المراقب العراقي / أحمد سعدون..
الوقوع في المحذور هو ما نبَّهتْ عليه أغلب القوى السياسية والمختصون أن التضخم في أعداد الموظفين دون جدوى اقتصادية سيسهم بانهيار خزينة الدولة في ظل اعتمادها الكلي على الموارد النفطية دون الاهتمام بالموارد الأخرى ، وها هو اليوم الذي يواجه فيه الكثير من الموظفين من مختلف القطاعات الحكومية في العراق أزمة متكررة تتعلق بتأخير صرف الرواتب، لأسباب مجهولة تحاول الحكومة طمأنة الشارع في تأمينها ولكن الواقع يشير الى عكس ذلك مما ولد موجة من الاستياء الشعبي ، خصوصًا في ظل ارتفاع أسعار إيجار العقارات والكهرباء بالإضافة الى أجور الانترنت والدروس الخصوصية ناهيك عن تكاليف الأجور الصحية الباهظة .
وعلى الرغم من تعهدات الحكومة المتكررة بضمان صرف الرواتب في مواعيدها المحددة، إلا أن موظفي الكثير من الوزارات تأخرت رواتبهم خصوصا في الأشهر الأخيرة، وسط غياب توضيحات رسمية وشفافة حول الأسباب.
حيث تشير مصادر مطلعة في وزارة المالية إلى أن التأخير ناجم عن مشاكل في السيولة النقدية نتيجة تذبذب أسعار النفط، بالإضافة إلى إجراءات إدارية معقدة في التحويلات المالية بين الوزارات والمصارف الحكومية.
فيما أشار مراقبون الى أن السبب غير المعلن بشكل رسمي هو السيطرة الامريكية على الاقتصاد العراقي وهذا ما تمت ملاحظته بين الحين والآخر في إعلان العقوبات على المصارف العراقية بحجج وأعذار واهية من اجل إخضاع البلد لهيمنتها وسيطرتها التوسعية في المنطقة والتلويح بالورقة الاقتصادية مع كل كيان او مؤسسة لا تخضع لإرادتها وكان آخرها تأخير رواتب الحشد الشعبي.
في المقابل، يرى خبراء اقتصاديون أن هناك أسبابا أخرى إضافة الى السيطرة الامريكية تكمن في ضعف الإدارة المالية وغياب خطط الإصلاح الجادة، مؤكدين أن استمرار هذا التأخير دون حلول جذرية قد يؤدي إلى تبعات اجتماعية واقتصادية خطيرة.
وعبَّرَ العديد من الموظفين عن استيائهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مطالبين الحكومة بموقف حازم وضمان صرف رواتبهم بانتظام، كما نُظمت وقفات احتجاجية محدودة في بعض المحافظات، رفع خلالها المحتجون لافتات تطالب بالعدالة المالية والشفافية في إدارة أموال الدولة.
فيما طالب بعض النواب بتشكيل لجنة طارئة لمتابعة ملف الرواتب ومحاسبة الجهات المتسببة بالتأخير، مشددين على ضرورة إنشاء صندوق احتياطي وطني يُمكِّن الدولة من تغطية الرواتب في حال حدوث أزمات مالية مؤقتة.
وفي ذات السياق أكد الخبير الاقتصادي عبد الحسن الشمري في حديث ” للمراقب العراقي ” أن “غياب الرؤية الاقتصادية للحكومة ستكون نتيجتها سلبية على قوت المواطن جراء التعيينات العشوائية في مفاصل الدولة وغياب العدالة والشفافية في توزيع الرواتب وخلق طبقات متفاوتة بين شرائح الموظفين، لافتا الى أن “هاجس القلق سيستمر في الأوساط الاجتماعية العراقية جراء أي أزمة اقتصادية تمر بها البلاد او المنطقة لأن الاقتصاد العراقي ريعي ويعتمد بشكل مباشر على الموارد النفطية “.
ودعا الشمري الى “إيجاد حلول اقتصادية جذرية وليس ترقيعية من خلال دعم القطاع الخاص وإطلاق القروض المالية للعاطلين وتشجيعهم على فتح مشاريع اقتصادية مع تفعيل الضمان الاجتماعي لهم”، مشددا على ضرورة القضاء على الفساد والرشوة في دوائر الدولة لكي تستطيع الحكومة إيصال الحقوق الى مستحقيها بين شرائح المجتمع.
كما أكد الشمري ” أهمية تقليص رواتب المسؤولين الذين يتقاضون رواتب ضخمة بالإضافة الى إقرار سلم رواتب عادل يتساوى فيه جميع الموظفين في الحقوق والواجبات” .
ويبقى ملف تأخير الرواتب في العراق واحدا من أبرز التحديات التي تمس حياة المواطنين بشكل مباشر، في ظل غياب إصلاحات حقيقية تعالج الخلل الهيكلي في إدارة الموارد العامة، وبين الوعود الحكومية والغضب الشعبي، تبقى الثقة مفقودة بقدرة الدولة على الالتزام بأبسط حقوق موظفيها.



