اراء

استرداد الأموال المهربة

د. فارس كامل حسن..
في ظل التحديات الاقتصادية التي يواجهها العراق، يُعد استرداد الأموال المهربة إلى الخارج من أولويات الحكومة العراقية. فقد شهدت البلاد، خاصة بعد عام 2003، عمليات تهريب ممنهجة للأموال العامة، مما أثر سلبًا على الاقتصاد الوطني.
تُقدّر بعض المصادر أن حجم الأموال المهربة يتجاوز 150 مليار دولار، موزعة في حسابات مصرفية واستثمارات عقارية بأسماء وهمية في دول متعددة. وقد صادق العراق على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد عام 2007، والتي تُلزم الدول الأعضاء باتخاذ إجراءات فعّالة لاسترداد الأموال المهربة.
على الصعيد الوطني، أنشأت الحكومة العراقية دائرة الاسترداد ضمن هيئة النزاهة بموجب قانون رقم 30 لسنة 2011، بالإضافة إلى صندوق استرداد أموال العراق بموجب قانون رقم 9 لسنة 2012. تتولى هذه الجهات جمع المعلومات وملاحقة المتهمين واسترداد الأموال بالتعاون مع الجهات المعنية.
رغم الجهود المبذولة، لا تزال هناك تحديات قانونية وإجرائية تعيق عملية الاسترداد، مثل صعوبة تتبع الأموال المهربة وتعقيد الإجراءات القانونية في الدول المستضيفة. لذلك، ندعو إلى تشريع قانون خاص ومستقل ينظم إجراءات استرداد الأموال المهربة، بما يتماشى مع أحكام اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، ويسد الثغرات التشريعية الحالية.
من الجدير بالذكر أن قانون العفو العام الذي صدر مؤخرًا لا يمنع من استرداد الأموال، بل يسهم في تسريع استعادتها من خلال تشجيع المتهمين على إعادة الأموال مقابل الاستفادة من أحكام العفو.
كما نُشيد بإجراءات القضاء العراقي في هذا المجال، حيث أظهر التزامًا جادًا في متابعة قضايا الفساد واسترداد الأموال، مما يعزز الثقة في المؤسسات القضائية ويُسهم في ترسيخ سيادة القانون.
إن استرداد الأموال المهربة ليس فقط مسألة قانونية، بل هو واجب وطني وأخلاقي يُسهم في تعزيز الاقتصاد الوطني وتحقيق العدالة الاجتماعية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى