اراء

فواصل كروية

خالد جاسم..

 1

أحد المدربين في فريق بغدادي، عزا أسباب الإخفاقات التي لازمت فريقه في مباريات دوري المحترفين إلى عامل سوء الحظ مع أنه في التصريح نفسه قال، إنَّ لاعبيه لم يُحسنوا تطبيق الواجبات التكتيكية المطلوبة منهم، كما أنَّ بعضهم تقاعس عن هذه الواجبات، وقد فات هذا المدرب، أنَّ كلا التبريرين مردود عليه، لأنه وببساطة شديدة ربما لا يُحسن توصيل ما يريد من أفكار تدريبية إلى لاعبيه، أو أنه لا يمتلك شخصية قوية تفرض على لاعبيه الانضباط التكتيكي المطلوب، خصوصا أنَّ هذا المدرب اعترف بالفم الملآن، أنه اختار لاعبيه، واحداً واحداً، وأعدّهم في أفضل صورة قبيل انطلاق الدوري من دون أن يركز حديثه بالطبع على سوء الحظ الذي لازم فريقه في هذه المباريات، وأغفل الإشارة إلى حسن الحظ عندما بدأ فريقه يغادر محطة الإخفاق والتحق بقطار الانتصارات على سكة الدوري.. ومدرب آخر كرّر نفس معزوفة المدرب الذي أشرت إليه، لكنه بالإضافة إلى تحميله اللاعبين مسؤولية عدم تطبيق الواجبات المنوطة بهم وسوء هضمهم المفردات الخططية، استخدم موضة سوء الحظ في تبرير الفشل وأضاف إليها عدم التوفيق أيضاً.

التدريب أيها السادة علم وفن وموهبة أولاً وأخيراً، ومن لا يؤمن بهذه الحقيقة ويفضل الإيمان بالحظ والطالع وبقية الخزعبلات، عليه اختيار مهنة أخرى ليس من بينها التدريب بكل تأكيد.

 2

لو كنا نُحسن التفكير ونُجيد فنَّ التخطيط الصحيح في كرة القدم، لجعلنا من مسابقة الدوري هي الأساس والقاعدة لأهمّ وأكبر مسابقة كروية في العراق وليس أن نلفّ وندور ونحرق الوقت والإمكانيات و(نطنّش) كل شيء وندفع الأندية الرياضية إلى هاوية الإفلاس في دوري عبثي وممل بل وقاتل ويستنزف كل شيء، لنأتي أخيراً وبعد انتهاء مولد الدوري الذي لا أحد يعلم ولا حتى الراسخون في علوم اللعبة متى ينتهي، ومتى يبدأ الموسم المقبل؟ وكيف سيكون شكل الدوري وأسلوبه وعدد فرقه؟ ووفق أي آلية تقام مبارياته؟ طالما عدم الاستقرار المتأتي من غياب التخطيط الصحيح، سيولد عدم استقرار بكل تأكيد على رأي حاسم ونهائي لمسابقة الدوري التي تخرج علينا في كل موسم بثوب جديد مزركش بألوان انتخابية فاقعة وحسابات مصلحية صارت هي من تتحكم في بوصلة الاتجاهات، وفقاً لإحداثيات تفرضها الاتفاقات والصفقات وليس المصلحة الكروية، أتمنى مخلصاً بعد انتهاء الموسم، أن يخرج علينا اتحاد الكرة بقرار حاسم وصريح يخلق لنا مسابقة محترمة تحمل اسم الدوري بعدد ثابت من الفرق غير قابل للمساومات، وسقوف زمنية محددة تبرمج الأدوار والمباريات، بعيداً عن طوارئ الاستحقاقات الخارجية المعروفة والمعلومة والمثبتة سلفاً في مناهج الفيفا والاتحادين الآسيوي والعربي، مع أنني أشكك في إمكانية بلوغنا هذا الطموح الذي يشكل الحد الأدنى، ولا نقول المعيار الطبيعي في نظام المسابقات كما يفعل عباد الله.

 3

بعض الثرثارين في وسطنا الكروي لا يجيدون إلا اختلاق البطولات الوهمية والمواقف الزائفة التي لا تنسجم مع تأريخهم الفقير والمتواضع، ولا حتى مع ما فعلوه في ميادين اختصاصهم.. هؤلاء فارغو المضمون بكل تأكيد ويرمون سهام الغيرة على من هم منتجون فعلاً.. ومن هم أشجار مثمرة في الوسط الكروي المجبول بشتى التناقضات والنماذج الغريبة والعجيبة، نتمنى مخلصين على كل من يرى نفسه خبير زمانه في التدريب، ومن يجد أنَّ مقدرته الإدارية في العمل الاتحادي، لا مثيل لها حتى في بريطانيا مهد كرة القدم في العالم، وصاحبة السياقات الإدارية العريقة في إدارة شؤون اللعبة، وعلى من يتصور واهماً، أنَّ كرة القدم العراقية لن يُكتب لها الخلاص إلا تحت قيادته، ولا سيما مع اقتراب كل مولد انتخابي لاتحاد كرة القدم، ندعو هؤلاء إلى التحدي- تحدي أنفسهم قبل تحدي الآخرين- وليضعوا الادعاءات والبطولات الورقية جانباً، ويترجموا الكلام إلى أفعال حقيقية، وليس فقط كلاماً في كلام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى