اخر الأخباراوراق المراقب

أهمية الوقوف على عيوب النفس

“يتّصف الإنسان – بشكل طبيعيّ – بحبّ الذات ولا يرغب في أن يرى في نفسه نقصاً، أو عيباً، أو ذنباً”، وحتّى عندما يرتكب المعصية في العلن، فهو يختلق لنفسه المبرّرات ويحاول إقناعها بأنّه يمتلك الحقّ في هذا التصرّف، أو عندما يكون غير مطّلع على أمر وقد سُئل عنه، فهو يحاول الإجابة بشكل لا يَشعر معه المقابلُ بجهله، كي لا يقول صراحة: لا أعلم.

هذا السلوك يدلّ على أنّ الإنسان بطبيعته شديد الحبّ لنفسه، ولا يودّ أن يقف على عيوبه، ولذا فعندما يعيبه أحدٌ مّا فإنّ أوّل ما يتبادر إلى ذهنه هو أنّ هذا الشخص يكذب وأنّني بريء من هذا العيب، فكثيراً ما توجد في المرء عيوب تكون غائبة عن باله، لأنّ من جملة حيل النفس – التي تُعدّ موجوداً عجيباً إلى أبعد الحدود – هي سترها لعيوب الإنسان ونقائصه حتّى عن نفسه، فهي أحياناً تجعل الأمر مشتبهاً على الإنسان نفسه فتُظهر نفسه له بشكل لا يُصدّق معه أنّه إنسان سيّئ.

ومن هنا يقول أبو جعفر الإمام الباقر (عليه السلام): “فكر فِيمَا قيل فيكَ” أي: إنّ وجود هذا العيب فيك أو عدمه مبهم بعض الشيء حتّى بالنسبة لك، وقد لا تُصدّق بوجوده من دون تفكير وتأمّل، فإنّ الكثير من الرذائل كالحسد، والتكبّر، والأنانية موجودة، وإن كانت بمراتب ضعيفة، عند كثير من الناس لكنّهم غير مصدّقين بذلك.

إن ضرورة التفكّر للوقوف على عيوب النفس، يحتّم علينا ويوجّهنا للسير برحلة البحث في كتاب الله تعالى، حيث قال الراغب الأصفهاني: “أصل الزكاة النمو الحاصل من بركة الله تعالى – إلى أن قال: وتزكية الإنسان نفسه ضربان: أحدهما: بالفعل وهو محمود، وإليه قصد بقوله: قد أفلح من تزكى، والثاني بالقول كتزكيته لعدل غيره، وذلك مذموم أن يفعل الإنسان بنفسه، وقد نهى الله تعالى عنه فقال: “لا تزكوا أنفسكم، نهيه عن ذلك تأديب لقبح مدح الإنسان نفسه عقلاً وشرعاً، ولهذا قيل لحكيم: ما الذي لا يحسن وإن كان حقّاً؟ فقال: مدح الرجل نفسه”.

فما كان لبشر أن يذكر لنفسه من الفضيلة ما يمدحها به سواء كان صادقاً فيما يقول أو كاذباً، لأنّه لا يملك ذلك لنفسه لكن الله سبحانه لمّا كان هو المالك لما ملّكه، والمعطي الفضل لمن يشاء وكيف يشاء كان له أن يزكّي من شاء تزكية عملية بإعطاء الفضل وإفاضة النعمة، وأن يُزكّي من يشاء تزكية قولية يذكره بما يمتدح به، ويشرفه بصفات الكمال كقوله في آدم ونوح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى