المسؤولية تُجاه المرأة وقضيتها في فكر الإمام الخامنئي (دام ظله)

لتقدّم المرأة ثلاثة أبعاد:
الأول: التقدّم الثقافيّ وتفتّح الطاقات.
والثاني: إنضاج وتنظيم العلاقات الأسرية.
والثالث: إبداء وتبيين الرؤية الإسلامية لقضايا المرأة الحقوقية منها والاجتماعيّة وما إلى ذلك، إذا أريد أن يتحقّق عمل على هذا الصعيد، فلا بدّ من أن يتحقّق على هذه الأبعاد الثلاثة.. نُشير هنا إلى بعض النقاط الأساسية (الأخرى) التي تسترعي الاهتمام وهي:
1- تنمية الجانب العلميّ والفكريّ للمرأة: النساء أنفسهنّ مطالبات بالنظر في إشاعة الأفكار السليمة بينهنّ، والاتّجاه صوب المعارف والمعلومات والمطالعة والشؤون الأساسية في الحياة، لقد كانت التربية الغربية المغلوطة في العهد الطاغوتيّ في هذا البلد هي التي دفعت المرأة نحو التبرّج والزينة والتظاهر الذي لا مبرّر له. وهذه الظاهرة أيضاً من علائم سيادة الرجل، إذ إنّ من جملة علائم سيادة الرجل عند الغربيين هي أنّهم أرادوا أن تكون المرأة للرجل، لذلك تجد نفسها مدعوّة للزينة والتبرّج لأجل أن يلتذ الرجل، وهذا من مظاهر سيادة الرجل، وليس فيه حريّة للمرأة بل يمثّل في الواقع حرّية للرجل الذي يراد له أن يتلذّذ حتّى ببصره، وهو سبب تشجيعهم المرأة على السفور والتبرّج. هذه الانانية تستحوذ على الكثير من الرجال في المجتمعات البعيدة عن دين اللّه منذ العهود القديمة، ومازالت مستشرية حتّى اليوم، ويعكس الغربيّون أعلى مظاهرها.
إذن لا بدّ من أن تكون النظرة جادّة إلى قضية اتّجاه المرأة نحو المعرفة والعلم والمطالعة والوعي واكتساب المعلومات، وأن تعطى لها الأهمية اللازمة من قبل النساء أنفسهنّ.
2- إصلاح القوانين: حيث إنّ بعض القوانين التي تتعامل مع الرجل ومع المرأة تتطلّب الإصلاح. وهذا يفرض على ذوي الاختصاص دراسة تلك القوانين واصلاحها.
3- تبيين رأي الإسلام بشأن المرأة: ومن الأعمال الأُخرى المهمة وجوب تبيين وإيضاح رأي الإسلام بشأن حقوق المرأة وحقوق الرجل. والسيدات أنفسهنّ مطالبات ببذل الجهود في هذا المجال. ولكن العبء الأكبر يقع على عاتق المطلّعين على المعارف الإسلامية، إذ يجب عليهم بيان مواضع التفاوت بين حقوق المرأة وحقوق الرجل، ليدرك الجميع أنّها مسنونة على أساس الفطرة والطبيعة البشرية لكلّ منهما ووفقاً لمصالح المجتمع. ولا شكّ أنّ أعمالاً جيّدة قد أنجزت في هذا المضمار، واليوم يجب أن يُصاغ هذا العمل بلغة العصر، وإلاّ فمن يدقّق النظر في الأعمال التي أنجزت فيما مضى في هذا المضمار يذعن ويصدّق أنّ الأحكام الإسلامية مبنيّة تماماً على جوهر الفطرة والطبيعة البشرية.
4- اجتناب المباحث المضلّلة: النقطة الأُخرى هي وجوب الابتعاد عن الدراسات المنحرفة في هذا الموضوع، فبعض الناس قد ينزلق إلى بحوث منحرفة تحت مظلّة الدفاع عن حقّ المرأة، كأن يعمد إلى إثارة مسائل من قبيل مسألة الديَة وما يحذو حذوها، لأنّ رأي الإسلام بشأن المرأة والرجل صريح لا لبس فيه. وكما سبقت الإشارة فإنّ رأي الإسلام في شؤون الأسرة صريح أيضاً وواضح، وليس ثمة فائدة تجنى من إثارة أمثال هذه المواضيع، ولا يتمخّض عنها سوى اللفّ والدوران وإيجاد الانحراف في الأذهان، وعمل كهذا لا يوصف بالصواب والمنطق، يجب اجتناب البحوث المضلّة لأنّها لا تصبّ في مسار الاتّجاه السليم لهذا الموضوع.
5- الدفاع عن المرأة: ثمّة قضيّة أُخرى تسترعي الاهتمام بها وهي وجوب الدفاع الأخلاقيّ والقانونيّ عن المرأة وخاصّة داخل الأسرة. والدفاع القانونيّ يتمّ عبر إصلاح القوانين ـ كما سبقت الاشارة ـ ومن خلال تشريع القوانين الكفيلة بإنجاز هذه المهمّة. أمّا الدفاع الأخلاقيّ فإنجازه يتيسّر عن طريق مواجهة الأشخاص الذين لا يدركون الحقائق ويعاملون المرأة في البيت كمستخدمَة ويظلمونها ويعتبرونها غير مؤهّلة للرقيّ المعنويّ. ويجب التصدّي لمثل هذه الآراء بشدّة ولكن بشكل منطقيّ وعقلانيّ.
6- التمسّك بعفّة المرأة: القضية الأُخرى هي الاهتمام بشأن العفاف عند المرأة. وكلّ حركة تنبري للدفاع عن المرأة يجب أن تجعل ركنها الأساس التمسّك بعفاف المرأة. وكما سبق لي القول بأنَّ الغرب وبسبب إهماله لهذا الجانب، آلت الأُمور فيه إلى ما آلت إليه من التفسّخ والتحلّل. فجانب العفاف عند المرأة ـ وهو أهمّ عنصر في شخصيتها ـ يجب أن لا يكون عرضة للإهمال. عفّة المرأة وسيلة لتكريمها ورفع منزلتها في نظر الآخرين، وحتّى في نظر الرجال المتحلّلين وأتباع الشهوات، وهي في الحقيقة جوهر احترامها وتقديرها. وليست مسائل الحجاب والأجنبيّ وغير الأجنبيّ، وإباحة النظر أو تحريمه إلّا لأجل صيانة العفاف.
الإسلام يُعنى كثيراً بعفاف المرأة، كما أنّ عفاف الرجل ـ بطبيعة الحال ـ مهمّ أيضاً، لأنّ العفاف لا يختصّ بالمرأة، فالرجل أيضاً يجب أن يكون عفيفاً، ولكن بما أنّ الرجل يتمتّع بقوّة بدنية تفوقها، فهو قادر على الإساءة إليها ومعاملتها بما لا ترضاه، ولهذا كان التأكيد على عفّة المرأة أكثر.