طهران تقلب موازين المحادثات وتحقق نتائج إيجابية في الشوط الثالث من المفاوضات

بعد ان فرضت شروطها على واشنطن
المراقب العراقي/ سداد الخفاجي..
أنهى كبار المفاوضين من الولايات المتحدة والجمهورية الإسلامية الإيرانية، أمس السبت، في سلطنة عمان، الجولة الثالثة من المفاوضات غير المباشرة، بشأن برنامج طهران النووي، وسط أجواء وصفت بالإيجابية، إذ بلغت مرحلة مناقشة تفاصيل دقيقة متعلقة بالتوقعات والمطالب المتبادلة، الأمر الذي استدعى عودة الوفود إلى العواصم للتشاور واستكمال التنسيق، فيما تزال الجمهورية الإسلامية تقول انها تتعامل بحذر شديد مع أمريكا، لأنها لا تستطيع ان تضع كامل ثقتها بواشنطن، وفقاً لتصريحات مسؤولين في الحكومة.
ومن المؤمل، ان تعقد يوم السبت المقبل، جولة مفاوضات غير مباشرة جديدة بين الجانبين، فيما تُرك لسلطنة عمان خيار الاعلان عن مكان الجولة الرابعة من المفاوضات في المستقبل القريب، فيما تؤكد أطراف مطلعة، أن الخلافات مازالت مستمرة بين الجانبين، لكن رغبتهما في التوصل الى حلول حقيقية هي من تجعل المفاوضات أكثر جدية وبعيدة عن تناول الموضوعات العامة والخوض في تفاصيل دقيقة، للتوصل الى اتفاق على النقاط الخلافية.
وعقب انتهاء مفاوضات الجولة الثالثة، صرّح وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، ان المفاوضات جرت في بيئة هادئة، دون حضور الإعلاميين، مما أتاح إجراء المحادثات بهدوء.
وأضاف: ان “المفاوضات هذه المرة كانت أكثر جدية من السابق، وبدأنا بالدخول تدريجيًا في قضايا تفصيلية وفنية وتقنية”، مشيراً الى ان “المفاوضات ما تزال تُجرى بحذر شديد وركزت فقط على الملف النووي ولا تشمل أي قضايا أخرى، لكننا نتمسك بالحذر الشديد”.
ورغم ان أمريكا أرادت ان تظهر انها الطرف المسيطر في المفاوضات عبر استخدام سياسة الشد الجذب، إلا انه وبحسب مراقبين، فان إيران كانت الطرف الأقوى واستطاعت ان تفرض شروطها على واشنطن، خاصة انها أكدت مسبقاً بأن برامج إيران الدفاعية والصاروخية ليست مطروحة للنقاش خلال المفاوضات النووية مع الولايات المتحدة، بحسب ما صرّح به المتحدث باسم وزارة الخارجية إسماعيل بقائي، وبالفعل لم يتم التطرق الى هذا الملف، لا من قريب ولا من بعيد.
ويشير المراقبون الى ان واشنطن تخلت عن سياسة الضغط الأقصى على طهران، وبدأت تتنازل عن العقوبات الاقتصادية بشكل تدريجي، الأمر الذي يعطي المبادرة الى الجانب الإيراني الذي ما يزال متمسكاً بموقفه في استمرار التعامل بحذر مع الأمريكان، واعتبارهم جهة لا يمكن الوثوق بها.
المحلل السياسي جمعة العطواني أكد لـ”المراقب العراقي”: إن “الجولة الثالثة من المفاوضات غير المباشرة تشير الى انها ذاهبة نحو التفاؤل والتهدئة خاصة وان هذه الجولة رافقتها لجان فنية وتقنية، ما يعني انها أصبحت جادة”.
وأضاف العطواني: أن “كلا الجانبين صرحا بإيجابية النتائج، وهناك اتفاق ان ينتقل الحوار الأسبوع المقبل الى دولة أوروبية، كل هذه معطيات تؤكد ان الأمور ذاهبة نحو التوصل الى اتفاق شامل”.
وأشار الى ان “الجانب الإيراني كان على استعداد ومازال في تبديد مخاوف الامريكان، برغبة طهران بامتلاك سلاح نووي، وواشنطن في المقابل تعهدت بوقف العقوبات عن إيران”.
وأوضح: ان “الحذر الذي دائماً ما يؤكد عليه وزير الخارجية الإيراني نابعاً من استصحاب المواقف السابقة لأمريكا والتي اتخذتها إدارة ترامب في الدورة السابقة بإلغاء الاتفاق النووي بين الجانبين وردود الأفعال الانفعالية أو غير المتوقعة التي قد يتخذها ترامب في أية لحظة”.
وبيّن العطواني: ان “هناك ضغوطاً صهيونية تدفع باتجاه عدم توصل طهران وواشنطن الى اتفاق نووي، خشية من ان يكون الاتفاق يعطي القوة الأكبر في المنطقة”.
وتأتي هذه الاجتماعات، بوساطة عُمانية، عقب جولتين سابقتين من المفاوضات غير المباشرة، عقدت الأولى في 12 نيسان بمسقط، ثم الثانية في 19 نيسان بروما. ويُعد هذا أعلى مستوى من التواصل بين الخصمين بعدما سحب ترامب بلده في 2018 من الاتفاق النووي المبرَم بين إيران عام 2015.