أمير المؤمنين (عليه السلام) ومرحلة الحكم والإصلاح
إن الإصلاحات والتغيرات المختلفة التي حصلت على يد أمير المؤمنين عليه السلام واكبت الخلفاء ضمن الممكن من خلال إسداء النصيحة لهم على مختلف الأصعدة (الاجتماعية، السياسية، العسكرية، الدينية…) وقد تصدى لتطبيقها بشكل كامل في عهد حكمه المبارك رغم كل الفتن التي عصفت بالأمة الإسلامية من حروب الجمل وصفين وصولاً إلى النهروان، رغم كل ذلك كان على الإمام عليه السلام أن يقوم بإصلاحات مختلفة لأنه استلم حملاً ثقيلاً خلفته السياسات الإدارية السابقة على عهده المبارك. أما الاصلاحات التي قام بها فهي مختلفة سنعرضها من خلال أقواله عليه السلام:
1 و2- الإصلاح الاجتماعي والاقتصادي: كانت أول مسألة قام بها ضرب النظام الطبقي الذي خلفته السياسات الخاطئة قبله وذلك من خلال الخطوات التالية:
أ – المساواة في العطاء:
“ألا وأيّما رجلٍ استجاب للَّه وللرسول صلى الله عليه وآله فصدق ملتنا ودخل في ديننا واستقبل قبلتنا فقد استوجب حقوق الإسلام وحدوده، فأنتم عباد اللَّه، والمال مال اللَّه، يقسم بينكم بالسوية، لا فضل لأحد على أحد وللمتقين غداً أحسن الجزاء وفضل الثواب”.
ب- استرجاع الأموال المنهوبة:
“ألا إن كل قطيعة اقتطعها عثمان، وكل مال أعطاه من مال اللَّه فهو مردود في بيت المال، فإن الحق لا يبطله شيء، ولو وجدته قد تزوج به النساء وملك به الإماء وفرّق في البلدان لرددته، فإن في العدل سعة، ومن ضاق عليه العدل فالجور عليه أضيق”.
3 – الإصلاح الإداري:
وتَمثل هذا الإصلاح بعدة خطوات منها:
أ – اختيار ولاة جدد على أسس موضوعية لا تعتمد على الحسابات الشخصية والفئوية: فأرسل عثمان بن حُنيف بدلاً عن عبد اللَّه بن عامر (ابن خالة عثمان) إلى البصرة.
وعمارة بن شهاب بدلاً عن أبي موسى الأشعري إلى الكوفة.
وعبد اللَّه بن عباس بدلاً عن يعلى بن منبه إلى اليمن.
وقيس بن سعد بدلاً عن عبد اللَّه بن سعد إلى مصر.
وسهل بن حُنيف بدلاً عن معاوية بن أبي سفيان (ابن عم عثمان) إلى الشام.
ب- نقل مركز الخلافة من المدينة المنورة إلى الكوفة ولهذا العمل أبعاد استراتيجية لها علاقة بتحديات العصر.
4- الإصلاح الديني والثقافي:
قد حدد الإمام أسباب الانحراف بكلمة مختصرة قال فيها:
“إنما بدء وقوع الفتن أهواء تتّبع وأحكام تبتدع، يُخالف فيها كتاب اللَّه، ويتولّى عليها رجالٌ رجالاً على غير دين اللَّه، فلو أن الباطل خلص من مزاج الحق لم يخف على المرتادين، ولو أن الحقّ خلص من لبس الباطل انقطعت عنه ألسن المعاندين، ولكنّ يؤخذ من هذا ضغث ومن هذا ضغث فيمزجان فهنالك يستولي الشيطان على أوليائه، وينجو الذين سبقت لهم من اللَّه الحسنى”.
وقام من أجل هذا الإصلاح بالخطوات التالية:
أ – فتح باب العلم والحوار وكل ما يتعلق بأمور الدين فهو القائل: “سلوني قبل أن تفقدوني”.
ب- الاهتمام بقراءة القرآن، وربطه بالسنة النبوية الشريفة.
ج- الاهتمام بالتدوين وهو القائل: “قيدوا العلم بالكتابة”.