القاضي المتقاعد حسن حسين جواد الحميري
النصر الحمساوي المبين..
بتأريخ ٧/اكتوبر/٢٠٢٤ نفذ فصيل حماس والفصائل القليلة المتحالفة معه، هجوماً شجاعاً مباغتاً على الكومنتات الإسرائيلية القريبة من الحدود الفلسطينية. بحق كان هجوماً نوعياً مميزاً قام به الأبطال بعد ان اطمأن المحتل الإسرائيلي الى متانة وقوة دفاعاته وميل واتجاه الدول العربية والسلطة الفلسطينية الى التطبيع. كانت خطة الهجوم الحمساوي مفاجأة ولم تدر بخلد أحد، ذلك ان أبطال حماس قد طوروا درجات نارية لتحلّق فوق الدفاعات الصهيونية ولتحط في المواقع المحددة لتبادرها بالهجوم والاستيلاء عليها وأسر وخطف من كان شاغلاً لهذه المواقع والعودة بهم على ظهور الدبابات الإسرائيلية التي غنموها الى غزة، لتتم المساومة عليهم فيما بعد.
ولم يكن الكيان اللقيط ان يعلم بهذا الهجوم المبارك إلا وشن عدوانه على غزة الصمود والذي استمر لما يقارب السنة والنصف تسانده في ذلك ادارة أمريكية صهيونية ممثلة برئيسها التافه جو بايدن الذي اخزاه الله وبوزير خارجيته اليهودي بلينكن وكانت هذه الادارة قد لعبت دورا متواطئا وسيئا وغير شريف إلا ان بعضهم اتسم بالشرف فاستقالوا منها بسبب ما شاهدوه من عنت وصلف ومخالفة للمبادئ الانسانية والدولية. وما يؤسف له هو وقوف باقي الانظمة العربية المطبعة والتي تسير في مشروع التطبيع متفرجة على ما يلحق من حيف وظلم بإخوانهم الفلسطينيين المجاهدين الحمساويين فقد رضوا بالذل والهوان رغم علمهم ان إسرائيل سوف تبتلع دولهم بعد حين حينما تسمح لها الظروف كما فعلت باحتلالها الاراضي السورية في القنيطرة رغم تغيير النظام وحلول نظام جديد له علاقات قوية مع الولايات المتحدة الامريكية.
وما يؤلم حقا هو وقوف السلطة الفلسطينية بالضد من حماس لقيامها بهذا العمل التأريخي الجبار وكانت وسائل إعلام الدول العربية والسلطة الفلسطينية تهاجم فصيل حماس بالسب والشتم وكون حماس قد اساءت التصرف عندما هاجمت الكيان الأسرائيلي وكان عليها عدم اتخاذ هذا الموقف وكأن النصر يُهدى من المحتلين، ولكننا نلاحظ الآن وبعد ان وقعت حماس وإسرائيل اتفاق وقف اطلاق النار أصبح المطبعون بما فيهم مطبعو السلطة الفلسطينية يتكلمون عن بطولة الشعب الفلسطيني وكون رئيس الوزراء الإسرائيلي لم يحقق أياً من اهدافه من الهجوم على غزة. وهذا هو حال المنافقين في كل وقت كما يخبرنا عنهم القرآن الكريم في آياته البينات، والحقيقة التي قيلت قديما ان الفشل يتيم والنصر ادعياؤه واباؤه كثيرون. ومن ناحية أخرى، هناك مواقف ايجابية شجاعة وبطولية وهو الموقف الذي اتخذه حزب الله في لبنان وموقف الجمهورية الاسلامية الايرانية اللذان هاجما الكيان الصهيوني وكان موقفها مشرفا وداعما للقضية الفلسطينية بعد ان تنكر لها اشقاء العروبة عدا لبنان.
والامر الذي اصبح واضحا ولا مراء فيه ان الحكام العرب الذين قادوا الحروب السابقة مع إسرائيل في سنوات ١٩٤٧ و١٩٤٨و١٩٥٦و١٩٦٧و١٩٧٣ كانوا قادة شعارات فقط، فقد صمّوا اسماعنا بشعارات وأهازيج الأمة العربية وتحرير فلسطين ورمي اليهود في البحر، ثم من بعد ذلك ان تقوم إسرائيل باحتلال سيناء والجولان والضفة الغربية في ستة أيام، والآن نشاهد بأم أعيننا ان فصيلا فلسطينيا واحدا وبضعة فصائل تحالفت معه استطاعت ان تذل إسرائيل وان توقفها عند حدها.
الان بات واضحا ان حماس والفصائل المتعاونة معها قد حققت نصرا مبينا متمثلا بعدم استطاعة نتنياهو تحقيق أي من أهدافه التي أعلنها وهي تدمير حماس واعادة المحتجزين وكذلك حجم التعاطف الدولي مع القضية الفلسطينية واعتراف ثلاث دول اوروبية بفلسطين اثناء حرب الابادة هذه وهي بلجيكا وهولندا واسبانيا كذلك الوعي الشعبي الدولي بالمظلومية الفلسطينية ودعوات المتظاهرين في الجامعات وحكومات دولهم بمنع تزويد الكيان الغاصب بالأسلحة وايقاف التعاون العلمي والتكنولوجي معه، كذلك لابد من الاشارة الى هذا الجيل الجديد الواعي والمتعاطف مع القضية الفلسطينية والذي سيكون منهم السياسيون والوزراء والذين بالتأكيد سوف تكون لهم أصواتهم المؤثرة في سياسات دولهم وفي المؤسسات الدولية، كذلك ظهرت على حقيقتها إسرائيل التي كانت تسوق نفسها بان شعبها مسكين وقد تعرض لمحرقة “الهولوكوست” واذا بها وكما ظهر للعالم من خلال وسائل الاعلام انها قامت من خلال جيشها وطيرانها بحرب ابادة وجرائم حرب تتضاءل أمامها محرقتهم التي يدعون، اضافة لذلك فقد أدت الشكوى التي قامت بها دولة جنوب أفريقيا أمام المحكمة الجنائية الدولية الى صدور أمر قبض بحق رئيس الوزراء الاسرائيلي والعصابة التي كانت معه وكذلك صدور أوامر قبض بحق جنوده وضباطه الذين اصبحوا ملاحقين دوليا.
الآن علمت اسرائيل انها زائلة اليوم أو غداً كونها جسماً غريباً مرفوضاً من شعوب المنطقة، والولايات المتحدة لا يمكن ان تحميها في المستقبل، فهي ستشيخ كما شاخت بريطانيا وستكون بلا ناصر أو معين، وما النصر إلا من الله العزيز القدير.