فاطمة الزهراء كوثر النبوة وبهاء الإنسانية..!
د. عامر الطائي..
“إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ” (سورة الكوثر: 1). بهذه الكلمات العظيمة، خاطب الله تعالى رسوله الكريم، معلناً عن عطاء لا يضاهى ونعمة لا تنضب، عطاء يتجسد في وجود السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام)، تلك الإنسانة التي جعلت من الطهر عنواناً ومن الكمال الإنساني منهجاً.
فاطمة الزهراء ليست مجرد ابنة للنبي (صلى الله عليه وآله)، بل هي امتداد رسالته، وروح مكثفة بالخير الكثير الذي جعله الله عزاً وذخراً للأمة الإسلامية.
الكوثر ليس مجرد اسم لنهر في الجنة، بل هو رمز للبركة العظمى التي أودعها الله في هذه السيدة الجليلة، لتكون أمًا للأئمة الأطهار ونموذجاً سامياً للمرأة المؤمنة، ولتُشرق سيرتها كمنارة تهدي السائرين في دروب الحياة.
لقد حملت الزهراء بين ضلوعها قيم الطهر والإيمان والصبر، وكانت لسان الحق في زمن الصمت، وحصناً للإسلام في وجه كل مظلمة.
كانت حياتها آية من آيات الكمال، حيث اختزلت معاني العبودية لله، وحققت أسمى مراتب التفاني في سبيل الله ورسوله.
في يوم ولادتها الميمون، نبارك لأنفسنا وللعالم أجمع هذا الإشراق الإلهي، الذي لم يكن مجرد حدث عابر، بل بداية لعهد من النور الذي تسلل إلى القلوب والعقول. إن ذكرى ميلاد الزهراء (عليها السلام) هي دعوة للتأمل في معاني العطاء الإلهي والخير الكثير، وهي فرصة لنتعلم من سيرتها كيف نكون نوراً في ظلام الحياة، وكيف نصنع الخير من بين أيدي التحديات.
فلتكن كلمات الزهراء وسيرتها حاضرة في أذهاننا، ولتكن ذكراها دعوة متجددة لنعود إلى جوهر الإنسانية والطهارة، متزودين من معينها الذي لا ينضب.
نسأل الله أن يجعلنا من المتمسكين بولايتها، ومن السائرين على نهجها، وأن يُفيض علينا من بركات الكوثر في الدنيا والآخرة.