رحلة رعاية… فريق جامعي يتفقد كبار السن في ريف كربلاء

في مشهد إنساني يفيض بالعطاء، انطلق فريق من طلبة كلية التمريض في جامعة العميد نحو قضاء الحسينية بمحافظة كربلاء، حاملين حقائب تضم أدوات طبية بسيطة لكنها قادرة على إحداث فرق كبير في حياة كبار السن الذين يعيشون بعيداً عن الخدمات الصحية المنتظمة. كانت الحافلة التي أقلّتهم أشبه بسفينة أمل تسير نحو القرى الريفية لتقديم فحوصات أساسية ونصائح طبية لمن هم بأمسّ الحاجة إليها.
الجامعة بدأت بتنظيم هذه الزيارات منذ نهاية عام 2024، إدراكاً منها بأن كبار السن غالباً ما يواجهون أمراضاً مزمنة تتطور بصمت، مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري، دون أن يدركوا مخاطرها أو يشعروا بأعراضها المبكرة. وأوضح أحد المشرفين الأكاديميين أن الهدف من هذه الجولات هو الكشف المبكر وتقديم إرشادات قد تمنع تفاقم المرض أو تساعد في السيطرة عليه.
كانت الزيارة الأولى للحاج أبي أحمد، رجل بسيط يعيش بين البساتين، استقبل الفريق بوجه بشوش يبعث على الطمأنينة. وما إن بدأ الفحص حتى ظهر أن ضغط دمه أعلى مما ينبغي، فابتسم محاولاً إنكار الأمر قائلاً إن الجهاز لا بد أن يكون مخطئاً، وبعد إعادة الفحص، قدّم الفريق له نصائح صحية واضحة تساعده على تجنب المضاعفات، مؤكدين ضرورة مراجعة الطبيب بشكل دوري.
وفي منزل آخر، كان الحاج علي ذو الخامسة والسبعين يستقبل الفريق بحيوية لافتة وروح مرحة، إذ قال ضاحكاً إنه لو علم بقدوم زوار بهذه اللطافة لتظاهر بالمرض مسبقاً. لم يكتفِ الحاج علي بالفحص، بل رافق الفريق إلى منازل الجيران، ليعرّفهم على مسنين آخرين قد يحتاجون إلى متابعة صحية، في مشهد يجسد قيم التعاون والتراحم التي تتميز بها هذه المجتمعات الريفية.
كانت الجولة أشبه برحلة إنسانية أكثر من كونها مهمة طبية، رحلة حملت في طياتها امتنان كبار السن وبهجة الطلبة، وذكّرت الجميع بأن لمسة إنسانية واحدة قد تغيّر حياة شخص يعيش في أطراف المدينة بعيداً عن أعين الرعاية.



