دولة التأريخ

مرتضى التميمي
نزلتُ من السماء بلا مظلة
وسمّرتُ النجومَ مع الأهلّة
أنا مدنُ الفضيلة منذ حلّت
عليّاً جئت مكتملَ الجِبِلة
لافلاطونَ في مدني رغيفٌ
تناولَه ليكتشفَ الأدلة
وسار بشارعي فغدا حكيماً
وعمّده فراتي كي يُجلّه
ولو وضعوا الطعام على يميني
بميزان المروءة كنت نخلة
وفي يسراي تمراً من جنوبي
بها رجحت على الميزان سلة
أنا نونُ الكتاب أنا انعكاسٌ
به قسمُ الإله رأى محلَّه
وما سطروه كنت أنا رؤاهم
وما اجتزأوه قسراً كنت كلّه
أبي التأريخُ أعتقُ من عتيقٍ
بنى البيتَ العتيق عرشتُ ظلّه
وأجدادي الذين إذا انتخاهم
يتيمٌ في الورى صاروه أهله
ولم نذبح لزائرنا جواداً
سيذبح أفقرُ الفقراء طفلَه
أنا كاف الكرامة ليس تقوى
عليها كلُ كافات العُتِلة
ولي قلمٌ تسيّد كلَ حرفٍ
تحج له العقولُ لتستدلّه
أنا أرخيتُ من نخلي عذوقاً
لأعدائي الجياع وعشت شتلة
وهبتُ لهم من البرحِيّ طعماً
إذا الوثنيُ قاربه تألّه
وحين نضوب نبعِ الدمع فيهم
لكي أسقي المواجع صرت مقلة
ولم أخشَ اشتعالَ النار حولي
فما النمرود عندي غير نملة
سأسحقُه إذا شئت انتصاراً
ولكني رأيت بأن أخَلَّه
لتعرفَهُ قرونٌ سوف تأتي
وتفهم ما تجلّى حين غفلة
ومَن فهمَ الجمالَ بملح أرضي
تذوّقه وكان يريد وصله
أنا واوُ الوجودِ وإن تلاشى
سيبقى جدَّ فخرٍ لم تصل له
ومِن كتبِ السماءِ لنا كتابٌ
يضجّ الحقُّ فيه هو المسلّة
أنا لام الجلال وكنت نارا
إذا نضب الضياء وكنت شعلة
بي ارتفعت رؤاهم حين فارت
رؤى الطوفان وانتبذته قلة
أنا كل الحضارة لست فرداً
لذا أصبحت للتأريخ دولة.



