الصين تسخر الذكاء الاصطناعي للخدمة العسكرية.. كلاب آلية ومسيّرات ذكية

تواصل الصين إبهار العالم في مجال صناعاتها العسكرية، إذ استطاعت أن تتفوق على بلدان العالم في مختلف المجالات،حيث كشفت شركة “نورينكو” الصينية المتخصصة في الصناعات الدفاعية والمملوكة للدولة عن مركبة عسكرية قادرة على القيام بعمليات دعم قتالي باستخدام الذكاء الاصطناعي ودون تدخل بشري يُذكر وبسرعة 50 كيلومتراً في الساعة.
وتعتمد المركبة على تقنيات من شركة “ديب سيك” DeepSeek التي يُمثّل نموذجها للذكاء الاصطناعي “درة التاج” لقطاع التكنولوجيا الصينية.
وتقدم مراجعة المئات من الأوراق البحثية وبراءات الاختراع وسجلات المشتريات لمحة عن الجهود التي تبذلها بكين بشكل ممنهج لتسخير الذكاء الاصطناعي لتحقيق السبق في الميدان العسكري.
وتُعد خصائص الأنظمة التي تقف وراء أسلحة الجيل القادم في الصين ومدى نشرها سراً من أسرار الدولة، لكن سجلات المشتريات وبراءات الاختراع تقدم أدلة على تقدم بكين نحو قدرات مثل التعرف إلى الأهداف بشكل تلقائي ودعم اتخاذ القرار بشكل فوري في ساحة المعركة بطريقة تضاهي الجهود الأمريكية.
ووفقاً لأوراق ومناقصات وبراءات اختراع، يواصل الجيش الصيني والشركات التابعة له استخدام رقائق “إنفيديا” NVIDIA ويسعى للحصول عليها، بما في ذلك النماذج الخاضعة لضوابط التصدير الأمريكية.
وأظهرت براءات اختراع تم تقديم طلبات لاستصدارها حتى تموز الماضي استخدامها من قِبَل معاهد الأبحاث المرتبطة بالجيش. وحظرت وزارة التجارة الأميركية في سبتمبر 2022 تصدير رقائق A100 وH100 من إنفيديا إلى الصين.
وقال المتحدث باسم “إنفيديا” جون ريزو إنه رغم عدم تمكن الشركة من تتبع عمليات إعادة البيع الفردية للمنتجات المباعة سابقاً، فإن “إعادة تدوير كميات صغيرة من المنتجات القديمة المستعملة لا يتيح أي شيء جديد، أو يثير أي قلق بشأن الأمن القومي.
وقال ساني تشيونج، زميل مؤسسة جيمس تاون البحثية المعنية بالسياسات الدفاعية ومقرها واشنطن إن الجيش الصيني زاد في عام 2025 التعاون مع المتعاقدين الذين يقولون إنهم يستخدمون حصرياً أجهزة محلية الصنع مثل رقائق هواوي للذكاء الاصطناعي.
ووجدت مراجعة إخطارات المشتريات وبراءات الاختراع المقدمة إلى مكتب براءات الاختراع الصيني طلباً من جهات تابعة للجيش الصيني للحصول على رقائق هواوي واستخدامها.
وجرت الإشارة إلى استخدام نماذج DeepSeek في العشرات من مناقصات الهيآت التابعة للجيش الصيني المقدمة هذا العام، بينما أشارت واحدة فقط إلى نموذج كوين التابع لشركة “علي بابا” وهي منافس محلي رئيسي.
ووفقا لمؤسسة جيمس تاون، تسارعت إشعارات المشتريات المتعلقة بـ DeepSeek خلال عام 2025، مع ظهور تطبيقات عسكرية جديدة بانتظام ضمن شبكة الجيش الصيني.
ويعكس إقبال الجيش على DeepSeek سعي الصين إلى ما تسميه بكين “السيادة الخوارزمية”، أي تقليل الاعتماد على التكنولوجيا الغربية مع تعزيز السيطرة على البنية التحتية الرقمية الحيوية.
وأظهرت وثائق أن الصين تتطلع لتطوير كلاب آلية تعمل بالذكاء الاصطناعي، تقوم بعمليات استطلاع في مجموعات، وكذلك أسراب من الطائرات المسيّرة القادرة على تتبع الأهداف ذاتياً.
وفي 2024، طرح الجيش الصيني مناقصة لشراء “كلاب آلية مدعومة بالذكاء الاصطناعي” بهدف تنفيذ مهام استطلاع جماعية للكشف عن التهديدات، وإزالة المتفجرات.
كما أظهرت مراجعة لبراءات الاختراع والمناقصات والأبحاث المنشورة خلال العامين الماضيين أن الجيش الصيني والجهات التابعة له يسعون إلى توظيف الذكاء الاصطناعي لتحسين التخطيط العسكري، بما في ذلك تطوير تقنيات لتحليل الصور الملتقطة بواسطة الأقمار الاصطناعية والطائرات المسيّرة بسرعة.
وقال باحثون في شركة Landship Information Technology الصينية المتخصصة في دمج أنظمة الذكاء الاصطناعي بالمركبات العسكرية، وبينها مركبات تابعة لشركة “نورينكو”، إن تقنيتهم القائمة على رقائق “هواوي” يمكنها تحديد الأهداف بسرعة من صور الأقمار الاصطناعية، والتنسيق مع أنظمة الرادار والطائرات لتنفيذ العمليات.
وذكرت جامعة “شيآن للتكنولوجيا” أن الذكاء الاصطناعي اختصر أيضاً الزمن المطلوب لتحوّل المخططين العسكريين من مرحلة اكتشاف الهدف وتحديده إلى تنفيذ العملية.
وأوضحت الجامعة في ملخّص لنتائجها نُشر في مايو أن نظامها المدعوم بتقنية DeepSeek تمكّن من تقييم 10 آلاف سيناريو ميداني -لكل منها متغيرات وتضاريس وانتشارات قوات مختلفة- خلال 48 ثانية فقط، وهي مهمة كانت تستغرق من فريق تخطيط تقليدي نحو 48 ساعة لإنجازها. ولم تتمكن “رويترز” من التحقق بشكل مستقل من صحة هذه الادعاءات.
وأشارت الوثائق إلى أن مؤسسات عسكرية صينية تستثمر بشكل متزايد في تقنيات ميدانية ذاتية التشغيل.
وتستخدم جامعة “بيهانج”، المعروفة بأبحاثها في مجال الطيران العسكري، نموذج DeepSeek لتحسين قدرات أسراب الطائرات المسيّرة عند استهداف ما يُعرف عسكرياً بالتهديدات “المنخفضة والبطيئة والصغيرة”، وهو مصطلح يشير إلى الطائرات المسيّرة والطائرات الخفيفة، وفقاً لملف براءة اختراع قُدّم هذا العام.



