شاب يبتكر إدارة ذكية للزراعة من السماء

يختصر محمد الرويشدي، الشاب النجفي البالغ من العمر 27 عاماً، تحوله من العمل اليدوي في الزراعة إلى إدارتها عن بعد عبر الأقمار الصناعية بجملة واحدة: “حين قررت أن أراقب الأرض من السماء، تغير كل شيء”.
كانت نقطة التحول حين عمل مع مستثمر يمتلك 1500 دونم من الأرض، ولاحظ أن معظم القرارات الزراعية تتخذ بناءً على التقدير الشخصي لا على أساس بيانات دقيقة، ومن هنا قرر محمد مراقبة الأرض مجاناً باستخدام صور الأقمار الصناعية لمدة عام كامل، لم يكن يتوقع أن تؤدي التجربة إلى تقليل التكاليف بشكل كبير، وزيادة الإنتاج بنسبة تجاوزت 30%.
من هذه التجربة انطلقت فكرة مشروعه الذي حمل اسم “الجبل الزراعي”، وهو مشروع يقوم على تحويل الصور الفضائية إلى قرارات تنفيذية دقيقة داخل الحقول، من خلال أدوات ذكية تساعد المُزارع في معرفة حالة الأرض والمحصول بشكل متواصل.
يقدم الرويشدي نفسه كأحد أبناء “الجيل الزراعي الدقيق”، جيل يؤمن أن الزراعة الحديثة يجب أن تعتمد على تحليل البيانات الطيفية والتقارير العلمية، لا على الحدس والتخمين.
ويوضح أن هدفه الأساس هو خدمة المزارع العراقي من خلال تقديم حلول مبسطة: تقارير دورية حول حالة المحاصيل، توصيات دقيقة بشأن التسميد والري، ومتابعة مستمرة لمستوى الإنتاج والهدر.
محمد درس الاستشعار عن بعد بجامعة الكرخ في بغداد، وهو التخصص الذي تحول إلى نواة مشروعه بعد سنوات من التجربة، والتجوال بين عدة مشاريع صغيرة منذ عام 2015، شملت التجارة الإلكترونية، بناء العلامات التجارية، تطوير التطبيقات، والعمل في مجال الجيولوجيا.
لكن التحول الحقيقي، كما يقول، جاء من الاحتكاك المباشر بالمزارعين والمستثمرين، وهناك ظهرت الحاجة إلى أداة دقيقة توفر المال وتزيد المحصول، وتجيب على السؤال الأهم: كيف يمكن للمزارع أن يعرف أرضه كما يعرف راحة يده؟
في أواخر عام 2022، بدأ مشروع “الجبل الزراعي” بالتبلور، ليعكس قناعة محمد بأن الزراعة يجب أن تدخل عصر البيانات، وأن الأقمار الصناعية قادرة على تقديم رؤية شاملة للحقل، تُغني في كثير من الأحيان عن الزيارات الميدانية المكلفة، خاصة في الأراضي الصحراوية البعيدة.



