اخر الأخبارالنسخة الرقميةتقارير خاصةسلايدر

ارتفاع أرقام ديون العراق يهدد موازنة “2026”

رغم التطمينات الحكومية


المراقب العراقي / أحمد سعدون..
يواجه العراق تحدياً متزايداً في ملف الديون الداخلية والخارجية، لا سيما في ظل تضارب التصريحات الرسمية بين المؤسسات المعنية، وهو ما يثير تساؤلات حول دقة البيانات المالية الحكومية، وتأثيرها المحتمل على إعداد موازنة عام 2026.
في الوقت الذي أعلن فيه البنك المركزي العراقي أن إجمالي الدَّين الخارجي يبلغ قرابة 13 مليار دولار، جاء تصريح مغاير من مستشار رئيس الوزراء للشؤون المالية ليؤكد أن الدين لا يتجاوز 9 مليارات دولار، مشدداً على أن العراق سدد أغلب ديونه أو أعاد جدولتها وفق اتفاقيات دولية.
مختصون في الشأن المالي عبروا عن قلقهم من هذا التضارب، مؤكدين أن غياب الرؤية الموحدة بشأن الديون يعكس خللاً حكومياً قد يؤثر سلباً على إعداد الموازنة المقبلة، ويضعف ثقة المؤسسات الدولية والمستثمرين في الشفافية المالية للعراق.
وبحسب تقدير المختصين، فإن المشكلة لا تكمن فقط في الفارق العددي بين التصريحين، بل في تداعيات هذا التناقض على التخطيط المالي، لا سيما ما يتعلق بخدمة الدَّين والفوائد المترتبة عليه، والتي يجب تضمينها بدقة في مشروع الموازنة العامة المقبلة.
ويرى الخبراء، أن” الفرق البالغ أربعة مليارات دولار قد يبدو بسيطاً نظرياً، لكنه في الموازنة يمثل التزامات مالية ضخمة يجب التعامل معها بدقة، خاصة في ظل استمرار العجز المالي وضعف مصادر التمويل غير النفطية”.
وأشاروا إلى أن” التضارب يعكس افتقار الدولة لقاعدة بيانات مالية موحدة ومحدثة تتضمن تفاصيل الدين العام ومراحله وجدول سداده، وهو أمر يُعد من المعايير الأساسية للشفافية المالية المعترف بها دولياً”.
البنك المركزي، باعتباره الجهة المسؤولة عن السياسة النقدية، يتمسك برقم 13 مليار دولار، بناءً على ما لديه من بيانات متعلقة بالقروض والتمويلات الموجهة لمشاريع أو استحقاقات خارجية، منها ما هو قديم يعود إلى ما قبل 2003، ومنها ما تم إقراره في السنوات الأخيرة.
في المقابل، تستند الحكومة عبر مستشاريها الماليين إلى تقديرات تتعلق بالدَّين الفعلي القابل للسداد فقط، مستبعدة الديون التي تمت إعادة جدولتها أو المشروطة، معتبرة أن الكثير من الالتزامات لم تعد نشطة من الناحية المالية أو القانونية.
بينما يرى الخبير الاقتصادي صالح مهدي الهماش، في حديث لـ”المراقب العراقي” ، أن” هذا التباين في التصريحات المتضاربة ينعكس سلباً على إعداد الموازنة، إذ إن أي خلل في تقدير حجم الدَّين سيؤدي إلى تقديرات خاطئة للعجز المالي، ما قد يفتح الباب أمام إجراءات تقشفية أو ضغوط خارجية غير متوقعة في منتصف السنة المالية”.
ولفت الى أن” الجهات المانحة وصناديق التمويل الدولية تولي أهمية كبيرة لشفافية الدين العام، مؤكدا أن غياب البيانات الدقيقة أو تباينها يُضعف موقف العراق في أية مفاوضات مستقبلية للحصول على قروض أو دعم فني”.
وأردف الهماش ، أنه” في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية وتقلب أسعار النفط، التي يعتمد العراق على إيراداتها بشكل شبه كامل، فإن غياب الوضوح في ملف الدين العام يمثل خطراً مضاعفاً، مبيناً أن الموازنة المقبلة لن تحتمل المزيد من الأخطاء أو التقديرات غير الدقيقة، خصوصاً مع تزايد المطالب الشعبية بالخدمات وفرص العمل”.
ودعا الهماش الى ” تشكيل لجنة مالية مشتركة تضم الجهات المعنية كافة، تتولى إعداد تقرير موحد وشفاف حول الديون الداخلية والخارجية، وتقوم بنشره للرأي العام، ليس فقط من باب المسؤولية، وإنما لبناء ثقة مستدامة بين الدولة ومواطنيها، وكذلك مع المجتمع المالي الدولي”.
يشار الى أن استمرار هذا التضارب في الأرقام لا يمس فقط صورة الدولة أمام العالم، بل قد يتسبب بفجوات خطيرة في التخطيط المالي، ويدفع المواطن العراقي ثمنها من استقرار معيشته وجودة الخدمات التي يتلقاها ، حسب رأي المختصين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى