اخر الأخبارالنسخة الرقميةتقارير خاصةسلايدر

موارد الاتصالات فرصة ذهبية لتعزيز الاقتصاد الوطني

أموال طائلة تحصدها الشركات المتنفذة شهرياً


المراقب العراقي/ أحمد سعدون..
تصاعدت في الآونة الأخيرة، حدة التصريحات الإعلامية بين وزارة الاتصالات ولجان نيابية معارضة بشأن تأسيس شركة اتصالات وطنية، وسط اتهامات لدول خليجية بعرقلة هذا المشروع، نتيجة لامتلاكها شركتي زين وآسياسيل واستثمارها في العراق منذ عقود.
ووفق حدة الخطاب المتصاعد، يطرح موضوع تأسيس الشركة الوطنية، تساؤلات كثيرة، بين مؤيدين يرون فيه خطوة نحو السيادة الرقمية، وتقليل الاعتماد على الخارج، ورافضين أو متحفظين يعتبرونه مشروعًا معقدًا غير قابل للتنفيذ في ظل الظروف الحالية.
ويرى مؤيدو تأسيس الشركة الوطنية، أن العراق بحاجة إلى استعادة السيطرة على قطاع الاتصالات، ليس فقط لضمان جودة الخدمة أو خفض الأسعار، بل لأسباب تتعلق بالأمن السيبراني، ووقف استنزاف الإيرادات إلى الخارج، وخلق منافسة حقيقية تعود بالنفع على الدولة والمواطن، ورفد خزينة الدولة التي تعاني التقشف المالي، لافتين الى أن استمرار الاعتماد على شركات خاصة ذات تمويل وعلاقات أجنبية مثل شركتي زين وآسياسيل وغيرهما، يضعف من قدرة العراق على إدارة هذا القطاع الاستراتيجي بشكل مستقل.
وفي المقابل، يطرح المعارضون أو المتحفظون، جملة من العقبات التي تجعل المشروع صعب التنفيذ، ومن أبرز هذه التحديات، البنية التحتية المهترئة، والتكاليف الهائلة لإنشاء شركة قادرة على المنافسة، إضافة إلى تشابك المصالح بين الدولة وهذه الشركات القائمة، مؤكدين، ان الشركات الكبرى العاملة في العراق منذ سنوات، تمتلك قواعد مستخدمين واسعة، وخبرات تقنية، واتفاقات مع مؤسسات حكومية، ما يمنحها الأفضلية في أية منافسة مستقبلية.
كما أن هناك من يعتبر، أن دخول شركة وطنية في الوقت الراهن دون تجهيز بيئة مناسبة، سيكون مجرد تكرار لتجارب حكومية سابقة فشلت في تقديم خدمات حقيقية للمواطن.
ومع كل حديث يتجدد عن تأسيس الشركة الوطنية، يترافق ذلك مع دعوات برلمانية وشعبية لمحاسبة شركات الاتصالات القائمة على الديون المتراكمة في ذمتها، سواء كانت ضرائب غير مسددة، أو رسوم تراخيص، أو غرامات تأخيرية، والتي وصلت وفق آخر إحصائية رسمية الى أكثر من 150 مليار دينار عراقي، ورغم التلويح أكثر من مرة بإجراءات قانونية واسترداد مبالغ كبيرة، إلا أن كل تلك التحركات غالبًا ما تتوقف فجأة أو تنتهي دون نتائج ملموسة.
وحول هذا الموضوع، أكد المهتم بالشأن الاقتصادي أحمد الوائلي في حديث لـ”المراقب العراقي”، إن تأخير إنشاء الشركة الوطنية ليس نتيجة خلل في التخطيط فقط، بل بسبب تقاطع مصالح أطراف ترى في وجود شركة وطنية، تهديداً مباشراً لمكاسبها ونفوذها في السوق.
وأضاف، أن “ملف تأسيس شركة وطنية عراقية لا يمكن فصله عن هيكل السلطة الاقتصادية غير المعلَن التي تتحكم بقطاع الاتصالات منذ 2003، مضيفاً، ان الموضوع من وجهة نظر تقنية وتنظيمية قابل للتنفيذ، خاصة وأن البنية التحتية الأساسية موجودة جزئياً في العراق من خلال مشاريع الكابل الضوئي والمراكز الحكومية، لكن ما يعيق التنفيذ فعليا هو تغلغل مصالح تجارية وسياسية مرتبطة بالشركات الحالية”.
وأشار الى ان الشركات العاملة حاليًا، بحكم تراكم التجربة وقوة التمويل، لم تعد فقط شركات اتصالات، بل تحولت إلى أطراف اقتصادية لها قدرة على التأثير في القرار السيادي من خلال أدوات متعددة، تبدأ من النفوذ في دوائر صنع القرار.
ولفت الى ان “استمرار هذه الشركات في العمل، رغم المديونية الكبيرة، دون وجود جدول زمني واضح للتحصيل، يبعث رسالة سلبية لكل من يفكر بدخول السوق العراقي أو الاستثمار فيه”.
وفي ظل هذه المعطيات، يعتقد البعض، أن فكرة الشركة الوطنية، رغم عدالتها نظرياً، تظل معلقة بين واقع معقد ومصالح متشابكة، تجعل من تنفيذها، أمراً مرهوناً بإرادة سياسية قوية في التعامل مع ملف الاتصالات برمته كحال قطاع الكهرباء الذي بقي معلقاً منذ 2003 ولغاية الآن.
وتبقى الأسئلة تدور حول ما إذا كان التأجيل المستمر مجرد نتيجة بيروقراطية، أم أنه يعكس بالفعل وجود أطراف خفية تعمل على إبقاء السوق مغلقاً أمام أية منافسة وطنية حقيقية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى