واشنطن تهاجم المشاريع التنموية العراقية بمعول العقوبات

هدفها تدمير الاستقرار الاقتصادي
المراقب العراقي / أحمد سعدون..
تواجه شركة المهندس التابعة للحشد الشعبي، وهي واحدة من أبرز الشركات الوطنية العراقية، موجة جديدة من الاستهداف بعد أن فرضت أمريكا عقوبات عليها مؤخرا، في سلسلة قرارات ممنهجة ضد المؤسسات الوطنية التي ترفض الانصياع لتوجيهاتها .
هذا القرار أثار موجة من الانتقادات الواسعة داخل الأوساط السياسية والاقتصادية، واعتبره كثير من المراقبين تدخلا سافرا في الشأن الداخلي ومحاولة مباشرة لضرب الاقتصاد الوطني العراقي، في وقت تسعى فيه البلاد لإعادة بنيتها التحتية وتحقيق الاستقرار الاقتصادي بعد سنوات من الأزمات والحروب.
شركة المهندس لعبت خلال السنوات الماضية منذ تأسيسها عام 2022 دورا بارزا في تنفيذ مشاريع خدمية واستراتيجية في قطاعات حيوية مثل الطاقة والنقل والبنية التحتية، بالإضافة إلى مشاركتها بدعم الجهود الحكومية في عدد من المشاريع ذات الطابع التنموي، كما ساهمت الشركة بتوفير آلاف فرص العمل للعراقيين، وفتحت أبوابا واسعة للكوادر الهندسية والفنية داخل البلاد، مما جعلها تشكل أحد أعمدة الاقتصاد المحلي.
مراقبون للشأن الاقتصادي أكدوا، أن فرض العقوبات على شركة بهذه المكانة والفاعلية يضع علامات استفهام كثيرة حول دوافع القرار الامريكي وتوقيته، خصوصا في ظل غياب أية اتهامات موثقة بارتكاب مخالفات أو خروقات قانونية، مؤكدين أن هذا الإجراء يأتي في إطار محاولات الضغط على العراق من بوابة الاقتصاد، بعد أن أثبتت شركاته الوطنية قدرتها على العمل والنهوض في ظروف صعبة، وبدأت تشكل بديلا واقعيا عن الشركات الأجنبية في عدد من المجالات الحيوية.
ولفتوا الى أن الضرر الناتج عن هذه العقوبات لا يقتصر على شركة المهندس فقط، بل يمتد إلى مشاريع قائمة ومتعاقد عليها، وربما يتسبب بتجميد أو إلغاء عدد من العقود المهمة، وهو ما يؤدي إلى تعطيل الخدمات وتأخر إنجاز مشاريع حيوية في عدد من المحافظات، لافتين الى أن هذه الخطوة تهدد بتسريح عدد كبير من العاملين في الشركة، مما يفاقم أزمة البطالة في وقت تحتاج فيه البلاد إلى تحريك السوق الداخلية وخلق بيئة اقتصادية أكثر استقرارا.
على الصعيد السياسي، يرى مختصون أن هذه الإجراءات هي استهداف لهيأة الحشد الشعبي وتقويض الاقتصاد العراقي ومنع أي محاولة للنهوض بالقطاع الاقتصادي للبلاد ، مؤكدين أن واشنطن تستهدف المؤسسات الوطنية دون الرجوع إلى القنوات الرسمية أو الاعتماد على قرارات صادرة عن هيآت دولية محايدة، مطالبين الحكومة العراقية باتخاذ موقف واضح تجاه هذا التدخل، والعمل على حماية الشركات الوطنية من أية ضغوط خارجية قد تعرقل دورها في التنمية.
اللافت أن شركة المهندس ليست جهة سياسية ، بل كيان اقتصادي يعمل تحت إشراف الدولة وضمن الإطار القانوني العراقي، مما يجعل استهدافها مثيرا للريبة ويفتح الباب لتأويلات عديدة، تتعلق بمحاولات إضعاف أي بنية اقتصادية محلية تحاول النهوض بمعزل عن الهيمنة الاقتصادية الخارجية.
وفي ظل هذا الوضع، تتصاعد الدعوات للحكومة العراقية لاتخاذ خطوات قانونية ودبلوماسية رادعة، واللجوء إلى المجتمع الدولي والمنظمات الاقتصادية المعنية لوقف هذه الممارسات التي تهدد مستقبل الاقتصاد الوطني وتستهدف مكتسبات التنمية التي تحققت بجهود ذاتية، كما يطالب الشارع العراقي بدعم أوسع للشركات الوطنية وخلق بيئة حامية لها من الاستهدافات الخارجية، خصوصا في هذا الظرف الذي يتطلب تعزيز السيادة الاقتصادية وتحقيق الاكتفاء الذاتي في عدد من المجالات الحيوية.
وفي ذات السياق أكد المهتم بالشأن السياسي والاقتصادي عبد الحسن الشمري في حديث لـ” المراقب العراقي ” أن “شركة المهندس تُعد نموذجا حقيقيا لنجاح المؤسسات العراقية ، واستهدافها بهذا الشكل لا يمكن تفسيره سوى كرسالة ضغط ضد كل ما هو وطني ومستقل، وهو ما يتطلب وقفة رسمية وشعبية جادة لحماية مكتسبات البلاد الاقتصادية من أي تدخل خارجي”.
وأضاف، إن “العقوبات الأخيرة التي فرضتها واشنطن ضد هذه الشركة تعكس توجهاً واضحاً لإضعاف الاقتصاد العراقي وتقويض نموه المتصاعد، خاصة في القطاعات التي بدأت تشهد اعتماداً متزايداً على القدرات الوطنية”.
ولفت الى أن “واشنطن لا ترغب بوجود اقتصاد عراقي مستقل أو شركات وطنية قوية قادرة على تنفيذ المشاريع الكبرى دون الحاجة للدعم الأجنبي، وهو ما يدفعها لاستهداف هذه الجهات بحجج سياسية باطلة وملفقة.”
ويمثل هذا السلوك تدخلاً سافراً في الشأن الداخلي، ويتطلب موقفاً حازماً من الحكومة العراقية، لأن استمرار الصمت أو الاكتفاء بردود الفعل الدبلوماسية الخجولة سيشجع على مزيد من هذه الممارسات التي تهدد الأمن الاقتصادي الوطني وفقاً لمراقبين للشأن السياسي.



