“المنبه”.. زمن أحمد البحراني الذي يرفض الاستيقاظ من نومه الأبدي

مبدع نصبي الغدير والشهيد الصالحي
المراقب العراقي/ المحرر الثقافي…
بعد عودته الى وطنه العراق، أقام الفنان التشكيلي أحمد البحراني، المعرض الأول له في بغداد والذي حمل عنوان (الوقت.. المنبه.. زمن لا يستيقظ) على قاعة “ذا كاليري” والذي تضمن خمساً وعشرين قطعة تشكيلية بين لوحة ومنحوتة وسجاد، كان الوقت هو العلامة البارزة فكأنه ينبهنا إلى ضرورة الانتباه لما نشاهده حولنا والاستمتاع به قبل فقدانه على وفق مقولة الوقت كالسيف ان لم تقطعه قطعك، على الرغم من أن عنوان المعرض يوحي بموت أو نوم الوقت في تجربة فنية متفردة، تعكس حرص هذا الفنان الذي ينتمي الى طين الجنوب العراقي ويشده الحنين إليه مهما ابتعد عن رائحة الهور الذي كثيراً ما كان الطين هو المادة الأولى لمنحوتاته والتي أشهرها هما نصبا الغدير والشهيد أبو تحسين الصالحي.
وقال البحراني في تصريح خص به “المراقب العراقي”: ان “الغربة شيء لا يمكن تحمله وشعرت بذلك بعد الغياب الذي طال أكثر من ثلاثة عقود، وقد كنت اعتقد أن العودة إلى وطني ستكون مجرد معرض لكن ما رأيته من حضور كبير من كل مدن العراق ومن بعض الدول العربية، جعلني أدرك أن الحلم تحوّل إلى حدث أكبر من المعرض والمعروضات نفسها”.
وأضاف: ان “الأعمال التي عرضتها في معرض “المنبه” قال عنها البعض ممن شاهدها انها أعمال تحوّل الحنين والغياب إلى لحظات ملموسة وتجعل الوقت نفسه جزءًا من التجربة، فشكراً لكل من جاء ولكل من آمن بأن الفن مساحة لقاء وذاكرة مشتركة. هذا الحشد، والمحبة التي قوبلت بها هي المعرض الحقيقي وهي القيمة التي لا تُقاس بالكلمات ولا تُختصر بالأحكام”.
وأوضح، ان “الغاية من المعرض هو تذكير بالناس بأن الوقت هو حقيقة يجب ان لا تضيع كهواء في شبك بل علينا استثماره في الأشياء النافعة والتي تسهم في رفعة الانسان في كل مكان بالعالم”.
وتابع: ان “هذه التجربة سوف تبقى في الذاكرة لسنوات طوال، حيث غمرتنا بعض العوائل العراقية بالمحبة فهي تحملت جهد السفر من محافظات مختلفة لحضور المعرض، ولن أنسى تلك العائلة الجميلة من (الكوت) عندما قال لي والد طفلين مع زوجته (استاذ احمد نحن لأول مرة في حياتنا ندخل الى معرض تشكيلي وبسببك سوف نصبح متابعين للفن أنا وزوجتي وأطفالي) وأنا أرى ان ما قاله هذا الرجل شرف كبير لي وهو بمثابة تقييم أكثر من التقييم النقدي الذي قد يكتبه ناقد ما في الصحف والمواقع الفنية والنقدية”.
وواصل: “وفي الوقت نفسه أشكر وأقدر وأحترم كل من (شاهد) المعرض وخرج بانطباع سلبي وعبر عن ذلك (بفروسية ونبل) وانتقد بعض الأعمال لأنني من غير الممكن ان أقدم تجربة تصل إلى أن تنال إعجاب ورضا الجميع، ولكن الأهم هو انني مؤمن بما قدمت، أما ما يُقال في الهامش من (بعض) الذين يحاولون أن يقللوا من حجم (المنبه) فيبقى مجرّد صدى بعيد أمام أصوات الناس وهم يحتفون بالفن كجزء من حياتهم، فما يرسخ في الوجدان، لا يحتاج إلى برهان”.
وأكمل: “كتب لي صديقي الذي لم يكتب له أن يزور افتتاح معرض المنبه، بسبب سفره إلى لندن برحلة عمل معتذراً ولكنه قال لي: لقد جعلتني أتوقف كلما شاهدت ساعة منضدية أو جدارية وأثناء زيارتي إلى المتحف البريطاني شاهدت هذه الساعات أرسلها لك واقول (الوقت في المتحف البريطاني ليس كالوقت في معرض البحراني) وهذه المقولة هي ما أبحث عن معناها لدى الآخرين فهي بمثابة المكافأة التي لا تقدر بثمن”.



