اخر الأخباراوراق المراقب

المرأة في الإسلام

إنَّ أهمَّ ما ألقاه الإسلام على عاتق المرأة، يتمثَّل في تهذيب النَّفس، وإعداد الأجيال، ليكونوا صالحين وواعين، ومن أبرز هذه المهمَّات:

1 التَّربيَّة الإسلاميَّة المبكرة

يبدأ بناء الأمم من حجرات البيوت الصَّغيرة، حيث تتشكَّل الطُّفولة وتنشأ القيم الأولى على أيدي الأمهات والآباء، فتتجذَّر المبادئ في وجدان الأطفال قبل انتقالهم إلى المؤسسات التَّعليميَّة الكبرى؛ فالتَّربيَّة المبكرة القاعدة الأرسخ لأيّة نهضة، وتبرز هنا أهميَّة تربية الفتيات تربية قرآنيَّة إسلاميَّة أصيلة؛ فإنَّهن أمهات المستقبل وصانعات الوعي، والجيل المبني عليهن يعكس ما اكتسبنه في طفولتهن.

لقد جعل الإسلام التَّربية، واجبًا مقدَّسًا منذ اللحظة الأولى للوعي، مع الحرص على حماية الفطرة من تأثير الجهل والشَّهوات، كما جاء في قوله (تعالى): (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) ومن خلال تربية الفتيات على مائدة القرآن الكريم وفهم تفسيره، وعلى فكر المعصومين (صلوات الله عليهم)، تُصاغ الضَّمائر قبل السُّلوك، وتُبنى الرُّؤى قبل توجيه الحركة، مع غرس قيم العدالة والصَّبر والإيمان منذ الصغر.

ولا غنى في هذا الإطار عن القدوة العمليَّة، وأعظمهم النَّبي الأعظم محمَّد (صلَّى الله عليه وآله)، الذي وصفه الله (سبحانه): (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) فالفتاة التي تتعرَّف على النَّبي محمَّد (صلَّى الله عليه وآله) كشخصيَّة تجمع بين الرَّحمة والعدل والإخلاص، تتشرب هذه القيم وتصبح مقياسًا لعلاقاتها، كما يوفر تأريخ الأئمة الأطهار (عليهم السلام) نماذج عمليَّة للعلم والشَّجاعة والزُّهد والعطاء، وخاصَّة سيرة مولاتنا الزَّهراء (عليها السلام) فتتبلور لديها شخصيَّة قادرة على مواجهة عقبات العصر.

ويشكِّل كتاب (نهج البلاغة)، مدرسة فكريَّة وأخلاقيَّة تغرس قيم العدل والحريَّة والكرامة، والفتاة التي تنشأ وهي تسمع كلمات أمير المؤمنين (عليه السلام) عن التَّقوى والحكمة تواجه العالم بوعي واسع، ما يؤهلها لتكون زوجة صالحة، وأمًّا حكيمة، وامرأة قائدة في مجتمعها.

وتشمل التَّربيَّة الإسلاميَّة المبكرة كذلك الخبرة العمليَّة للعبادات؛ فالصَّلاة والصِّيام تبني للمرأة شخصيَّة متوازنة قادرة على مواجهة المغريات والانحراف.

وقد أظهرت التَّجارب التَّاريخيَّة، أنَّ الأمم التي أهملت التَّربيَّة المبكرة دفعت أثمانًا باهظة، بينما الحضارات التي أولت اهتمامًا بالطفولة ربحت أجيالًا صلبة قادرة على حمل الرِّسالة، ومن هذا المنظور، يعترف العلماء والمصلحون، بأنَّ الفضل الأوَّل في إعداد الأجيال يعود إلى الأمهات والمعلمات اللواتي زرعن بذور الإيمان والوعي منذ الصغر.

وعليه، تظلُّ الرِّسالة الموجهة اليوم للأسر والمجتمع واضحة، إنَّ أخطر ما يواجه الأمَّة ليس نقص المال أو الموارد، وإنَّما فقر التَّربيَّة.

2 إعداد الفتيات لإدارة بيت الزَّوجيَّة

عند سماع عبارة “إعداد الفتيات لإدارة بيت الزَّوجيَّة”، يتبادر إلى أذهان البعض، أنَّ المقصود حصر المرأة في المطبخ أو في الأعمال المنزليَّة، فيرفضون الفكرة باعتبارها تقليصًا لدورها أو تقييدًا لها، إلَّا أنَّ هذا التَّصور يحمل ظلمًا مزدوجًا: ظلم للفكرة نفسها وظلم للمرأة؛ فإنَّ إعداد الفتيات للحياة الزَّوجيَّة أوسع بكثير من مجرَّد تعلُّم الطَّهي أو ترتيب المنزل، فهو مشروع متكامل لبناء امرأة واعية قادرة على قيادة الأسرة، وتربية الأجيال، والحفاظ على تماسك البيت وسط عثرات الحياة اليوميَّة.

إنَّ الزَّواج في الرُّؤية الإسلاميَّة هو ميثاق مقدَّس، ومصنع لصناعة الإنسان الصَّالح، وإذا كان الرَّجل يلتزم بالنَّفقة والرِّعاية والحماية، فإنَّ المرأة تتحمَّل مسؤوليَّة موازية في صناعة استقرار الأسرة؛ وسنكتشف أنَّ هذا الإعداد يشكِّل ركنًا أساسيًا في بناء الأمَّة، فكما لا يمكن توقع نجاح الطَّبيب من دون تدريب علمي وعملي طويل، كذلك لا يمكن أن تُنشئ الفتاة، بيتًا متماسكًا وتربي جيلًا ناجحًا، بلا إعداد مسبق وممنهج.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى