المخلب الأمريكي يُغرز بجسد السيادة العراقية ويُمزق الأعراف الدبلوماسية

انتهاك صارخ يتطلب موقف سياسي صارم
المراقب العراقي/ سداد الخفاجي..
لم تتوقف الضغوط الأمريكية على بغداد منذ اعلان الكتل الشيعية نيتها تمرير قانون الحشد الشعبي في البرلمان، إذ جاءت الضغوط هذه المرة بشكل مباشر دون تلميحات، وعبّرت عن رفضها المتكرر لتمرير هذا القانون، مستخدمة لغة تحمل طابع التهديد، مؤكدة بأن الإصرار عليه سيؤزم العلاقة مع واشنطن، وله تداعيات خطيرة على الواقع في العراق، الأمر الذي وضع الأطراف الوطنية أمام مهمة واختبار صعب، خاصة مع وجود جهات مؤيدة للضغوط الأمريكية.
الضغط الأمريكي رافقه صمت حكومي يثير القلق، فلم تصدر من بغداد لغاية اليوم، ردة فعل على التدخلات الأمريكية، التي تأتي على شكل اتصالات ولقاءات مع مسؤولين عراقيين، وتتحدث بعلانية عن رفضها لأي قانون يصب في مصلحة الحشد الشعبي، على الرغم من تجاوز واشنطن حدودها الدبلوماسية وتدخلها بشكل سافر بالشأن الداخلي الذي يستوجب في أدنى تقدير، اصدار مذكرة احتجاج أو استدعاء السفير في بغداد، لتبليغه برفض الحكومة للتدخلات الأمريكية.
وبعد أيام من اتصال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو برئيس الوزراء محمد شياع السوداني، وفرض املاءات بخصوص قضايا عراقية بحتة من بينها قانون الحشد الشعبي، عاد القائم بأعمال السفارة الأمريكية في بغداد ستيفن فاجن، خلال لقائه بالنائب الأول لرئيس البرلمان محسن المندلاوي، ليحذره من قانون الحشد الشعبي وقلق مستمر للولايات المتحدة بشأن القانون، لأنه يهدد سيادة العراق، على حد ادعائه.
انتقادات سياسية وشعبية لموقف الحكومة الضعيف تُجاه التدخلات الأمريكية في الشأن العراقي، وسط مطالبات للتحرر من هيمنة واشنطن على القرار، عبر تفعيل دور وزارة الخارجية وإلزام السفارة في بغداد والقنصلية في أربيل، الالتزام بالمعايير الدبلوماسية والقوانين الدولية، إضافة الى تصدي القوى الوطنية للتجاوزات الأمريكية، عبر الضغط من أجل ادراج قانون الحشد الشعبي على جدول أعمال مجلس النواب، وتمريره خلال الجلسات المقبلة، إذ تمثل هذه الخطوات، رسالة الى واشنطن، بأن العراق مستقل بقرارته، بحسب ما يراه مراقبون.
وحول هذا الموضوع، يقول عضو لجنة العلاقات الخارجية عامر الفائز لـ “المراقب العراقي”: “نرفض التدخلات الواضحة في الشأن الداخلي للعراق من قبل الجانب الأمريكي، لأنها تجاوز على سيادة البلاد”.
وأضاف الفائز، أن “قانون الحشد الشعبي هو قانون عراقي، ولا نسمح للجانب الأمريكي التدخل به، ويفترض على القنوات الرسمية، ان تتخذ الإجراءات، وتبلّغ واشنطن بالرفض العراقي”.
وأوضح، انه “من المفروض على الحكومة ان تبلغ الجانب الأمريكي برفضها هذه التدخلات، حتى لا تستمر واشنطن بالتعدي على سيادة العراق، وتفرض ارادتها على القرار العراقي”.
وبين، ان “الحشد الشعبي قوة أمنية رسمية وتتبع أوامر القائد العام للقوات المسلحة، وان تنظيم أمورها بقانون، شيء ضروري، ولا بدَّ من تنفيذه”.
يشار الى ان لجنة الأمن والدفاع، أعلنت رسمياً في وقت سابق، عن تسليم القانون إلى رئاسة البرلمان، تمهيداً لإدراجه على جدول الأعمال، لكن لغاية اليوم لم يدرج وكل الجلسات التي تضمنت قانون الحشد لم تعقد، نتيجة خلل في النصاب، بسبب انسحاب الكتل الكردية والسُنية، أو خلافات بين الكتل الشيعية نفسها، تعرقل تمريره.
غياب الموقف الرسمي، وضع الكثير من علامات الاستفهام، وأعطى رسائل، بأن الحكومة تؤيد وجهة نظر واشنطن، حتى ان كانت خلافاً لذلك، إذ اكتفى رئيس الحكومة بتصريحات لوكالة أسوشيتد برس الأمريكية التي أكد فيها، ان الحشد الشعبي مؤسسة أمنية رسمية، وهناك إصرار في بغداد على تمرير قانونه، لكن هذه الخطوة لم تكن كفيلة في إبعاد سهام الانتقاد للموقف الحكومي الخجول، إزاء التجاوزات الأمريكية المستمرة على سيادة البلاد.



