اعترافات حقبة “الكاظمي” تفضح الدور الأمريكي في العراق عبر منظمات المجتمع المدني

كيف صنعت واشنطن الأزمات بأيادٍ قذرة؟
المراقب العراقي/ سداد الخفاجي..
خلال السنوات التي أعقبت التغيير عام 2003، مرَّ العراق بأزمات كبيرة وكثيرة، بدءاً من حرب المفخخات، وانتقالاً الى الحرب الطائفية، وتنظيم القاعدة الإرهابي، وتظاهرات تشرين سيئة الصيت، وصولاً الى احتلال ما يُعرف بتنظيم داعش الاجرامي، مساحات واسعة من الأراضي العراقية، وجميع هذه الاضطرابات كانت تقف خلفها الولايات المتحدة الامريكية، التي اعتمدت الفوضى في العراق لتنفيذ خططها وأهدافها.
اعترافات جديدة ظهرت على وسائل التواصل الاجتماعي، احتل رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي وحكومته، دوراً كبيراً فيها، أدلى بها المدعو ضياء الموسوي أحد أذرع حكومة مصطفى الكاظمي السابقة، كشفت الدور الأمريكي التخريبي في العراق وكمية تغلغل واشنطن في داخل المجتمع تحت مسميات مدنية وسياسية، لتحوك شبكة عنكبوتية تمكنها من التلاعب بالأوضاع في العراق وتحريكها بالاتجاه الذي يخدمها، سواء بصورة مباشرة عبر سفارة واشنطن في بغداد وقنصليتها في أربيل، أم عن طريق منظمات المجتمع المدني التي ترتبط غالبيتها بالولايات المتحدة الأمريكية.
وبحسب الاعترافات، فأن واشنطن سخرت أموالاً كثيرة لدعم تظاهرات تشرين سيئة الصيت، عبر سفاراتها في بغداد، إذ أكدت وعلى لسان الموسوي، ان سفارة أمريكا سلمت منظمات المجتمع المدني في العراق ما يقارب 24 مليون دولار، فيما تم تمويل التظاهرات السابقة لتشرين عن طريق وكالة المخابرات الامريكية، وهو ما يؤكد الدور السلبي الذي لعبته الولايات المتحدة في العراق ومازالت مستمرة به.
الحكومات العراقية الضعيفة والفساد والصراعات السياسية هي من سمحت بالتدخل الأمريكي في جميع مفاصل العملية الديمقراطية في العراق، كما ان ضعف الأجهزة الرقابية في السنوات السابقة مكنت بعض الأشخاص من ان يكونوا مؤثرين على الرأي العام العراقي، بحسب ما يراه عضو مجلس النواب مختار الموسوي.
ويقول الموسوي لـ”المراقب العراقي”: إن “الولايات المتحدة الأمريكية لعبت دوراً سلبياً داخل العراق، وكان لها اليد الطولى في الكثير من المشاكل، وهذا ينبع من رغبتها في تحقيق أهدافها”.
ويضيف، أن “أمريكا لا تريد بعض الأطراف ان تتواجد في العملية السياسية، وتحاول قلبها بأي شكل من الأشكال، منوهاً الى ان الحكومات العراقية غرقت بالفساد والمشاكل، الامر الذي يسمح بتدخل الكثير من الدول في الشأن العراقي”.
وأشار الى ان “الطبقة السياسية لم تستطع ان تبني نظاماً سليماً نستطيع ان ندافع عنه أمام العالم، الجميع غرق بالفساد والمشاريع الفاشلة والوهمية، وهذه هي نتائج الفوضى التي تريدها أمريكا وغيرها في العراق”.
واستطاعت واشنطن ان تؤسس أذرع لها داخل العراق تعول عليها كثيراً في تحقيق أهدافها، وعندما تريد تحريك أحد الملفات ضد أية جهة أو شخصية تعارض تطلعاتها داخل البلاد، لذلك نرى ان القضايا الحساسة دائماً ما تنتشر بسرعة كبيرة وتنتهي أيضاً على نفس الإيقاع، فهي توعز لمدونيها على وسائل التواصل الاجتماعي والفضائيات، ومنظمات المجتمع المدني، كما يحصل اليوم مع الحملة ضد الحشد الشعبي ومحاولات زج اسمه في صراعات لتسقيطه سياسياً وشعبياً، إذ تزامنت هذه الحملة مع الضغوط الأمريكية على الحكومة العراقية من أجل حله ودمجه بالقوات الأمنية، إضافة الى عرقلة تمرير القوانين الخاصة به في مجلس النواب.
وبحسب مراقبين، فأن جرائم أمريكا في العراق لا تحصى، وليست بحاجة الى اعترافات أو تسريبات، فهي معلومة وموثقة ويمكن للجميع الوصول لها، وبالتالي فأن تفعيل قرار طرد قواتها العسكرية أفضل الحلول من أجل حفظ أمن واستقرار البلاد، والخروج من مربع الأزمات المصطنعة الذي أسسته واشنطن لفرض سيطرتها على هذا البلد المهم استراتيجياً، مبينين، ان الحكومة العراقية مطالبة اليوم بالكشف عن الاتفاقيات مع الجانب الأمريكي التي تتعلق بالانسحاب.
وتشير مصادر صحفية الى أن واشنطن تخطط لفرض عقوبات على بعض الشخصيات العراقية المؤثرة، للضغط على بغداد من أجل عدم إنهاء مهمة التحالف الدولي، التي من المفترض ان تنتهي في أيلول 2025 بحسب الاتفاق المبرم بين الطرفين، مبينة، ان واشنطن أبلغت أطرافاً في الحكومة نيتها بعدم إتمام الاتفاق ومناقشة القضية مجدداً، بالتزامن مع التطورات في المنطقة، بحجة عدم قدرة العراق على حماية سمائه.
الجدير بالذكر، ان وسائل إعلام نشرت في وقت سابق، اعترافات لأحد الأشخاص الفاعلين في حكومة الكاظمي والمعروف باسم ضياء الموسوي، إذ أظهرت الدور الأمريكي التخريبي في العراق وكيفية تحريك الشارع عبر ناشطين مدعومين من السفارة الأمريكية في بغداد، لإبقاء العراق في دائرة الفوضى، خدمة لمصالح البيت الأبيض في العراق، وفي مقدمتها بقاء وجودها العسكري أطول مدة ممكنة.



