أجندات تشن حملات ممنهجة على المكون الأكبر وتغطي مساوئ الكتل الاخرى

متناسية نظام المحاصصة في الحكومات
المراقب العراقي/ سداد الخفاجي..
بُني النظام السياسي في العراق بعد عام 2003، على أساس المحاصصة الحزبية التي تقسم المناصب بين مكونات الشعب العراقي، وفقاً للنسب السكانية، فأن المكونات الشيعية والسنية والكردية، مشتركة فعلياً في إدارة الدولة منذ سقوط النظام البائد، وهذا يعني ان الفشل السياسي تتحمله جميع الأطراف، ولا يمكن توجيه أصابع الاتهام لمكون معين وغض النظر عن الجهات الأخرى، لأسباب صنعها السياسيون وروّج لها الإعلام الطائفي بدفع من الدول الخارجية.
وعلى مدى السنوات الماضية، أثار السياسيون السنة والأكراد، الكثير من الأزمات، التي هددت السلم الأهلي وأمن واستقرار البلاد من بينها دعم الجماعات المتطرفة في المحافظات الغربية، ودعوات الانفصال التي تبنتها الكتل الكردية، لكن بوصلة الإعلام تتوجه نحو الكتل الشيعية، في محاولة لتحميلها أسباب هذه الأزمات، على اعتبار ان الحكومة شيعية، في حين يرفض مراقبون تسمية الحكم في العراق بالشيعي، نتيجة اشتراك جميع المكونات، ولهم تمثيل كبير داخل الكابينة الوزارية.
ومنذ تشكيل الحكومة العراقية بعد احتلال العراق ولغاية يومنا هذا، تتعامل الكتل السنية والكردية مع الحكومة بمبدأ “الغنائم” وكيفية الحصول على أكبر عدد من المناصب وتحقيق المكاسب الشخصية، بعيداً عن المصلحة العامة، وبالتالي ولدت أغلب الحكومات شبه ميتة، ولم تستطع تحقيق أي منجزات تذكر، على الرغم من مرور أكثر من عشرين عاماً على التغيير في العراق، فما تزال جميع الملفات الرئيسة عالقة، بسبب الخلافات السياسية التي عصفت بالبلاد منذ عام 2003.
وقدمت الكتل الشيعية، الكثير من التنازلات، في محاولة لكسب ود الأكراد والسنة، إلا ان الأخيرين أصرّا على افتعال الأزمات للحصول على مكاسب أكثر من بغداد، سيما وان ساحة المكونين تتم تبرئتها إقليمياً ودولياً، بل تضغط الجهات الخارجية على بغداد لتلبية مطالبهما، كما حدث مؤخراً في اتصال وزير الخارجية الأمريكي برئيس الوزراء العراقي وحثه على ارسال رواتب كردستان وحل الخلاف النفطي، والضغط الأمريكي والإقليمي في سبيل تمرير قانون العفو العام.
وبحسب مراقبين، فإن الانقسام بين الكتل الشيعية ولّد ضعفاً نسبياً في المواقف، الأمر الذي يدعو الى توحيد الآراء إزاء القضايا المهمة والمفصلية، حتى تكون قوة موازية للقوى الكردية والسنية، سواء كان في البرلمان أو الحكومة الاتحادية، وأقرب مثل على التشتت، فشل الكتل السياسية بتمرير قانون الحشد الشعبي في مجلس النواب، على الرغم من امتلاكهم الأصوات القانونية للتصويت عليه.
وحول هذا الموضوع، يقول المحلل السياسي أثير الشرع لـ”المراقب العراقي”: إن “تقاسم السلطة في العراق توافقي، والحديث عن الحكومات المتعاقبة بانها لم تكن شيعية بالمعنى”، مشيراً الى انه “بعد كل انتخابات يتم توزيع المقاعد والوزارات حسب النتائج الانتخابية للمكونات السياسية”.
وأضاف الشرع، انه “لا يمكن ان ننعت أية حكومة في العراق بعد 2003 بالشيعية، ولا يمكن ان نحمّل الفشل فقط للشيعة، فالجميع لديهم تمثيل في الحكومات واستلموا مناصب ووزارات، فهذا الاتجاه خاطئ وغير صحيح نهائياً”.
وتابع: ان “رئيس مجلس الوزراء من المكون الشيعي، لكن وزراءه من السنة والأكراد والمسيح، فكيف يمكن ان نطلق عليها حكومة شيعية؟ وكيف نحمّل الشيعة الإخفاقات ونترك السنة أو الأكراد؟”، مبيناً: ان “السلطات الثلاث موزعة حسب الاستحقاق”.
وأشار الى ان “الإعلام هو من صنع تسمية الحكومة الشيعية، وبالحقيقة هي حكومات محاصصة ومشاركة في السلطة، مشيراً الى ان بعض الوزراء اليوم يأتمر بأوامر رئيس كتلته، ولا يمكن لمجلس الوزراء ان يغير أي وزير دون ان يتداول مع كتلته، فأين الحكم الشيعي؟”.
ونتيجة اتهام الكتل الشيعية بالتقصير دائماً، برزت دعوات سياسية لتشكيل حكومة الأغلبية السياسية، لان حكومة الأغلبية لو نفذت بشكل جدي، فيمكن أن تكون التطور الأهم الثاني في عراق ما بعد ٢٠٠٣، فهي تحمل المسؤولية عن الأخطاء وحصد ثمار النجاح، وتسمح ببروز معارضة برلمانية تساهم في تحسين الأداء الحكومي عبر الرقابة، كما انها ستحرر الوزارات من سطوة الأحزاب وتحويلها الى مؤسسات تابعة لها.
الجدير ذكره، ان الكتل الكردية والسنية لم تستطع مغادرة منهج التخوين، على الرغم من مرور سنوات على الشراكة في الحكم، وهو ما سيجعل العملية السياسية تراوح مكانها، دون ان تتقدم في البلاد، على الرغم من وجود محاولات جادة من بعض الأطراف الوطنية، إلا ان عدم التعلم من دروس الماضي والتعامل بالمثل مع الكتل، سيجعل الأطراف الشيعة دائماً في دائرة الاتهام.



