اخر الأخبارثقافية

“زهايمر أكس” شخصيات مقاومة ترفض النسيان رغم المعاناة والموت

المراقب العراقي/ المحرر الثقافي…

يرى الناقد حمدي العطار أن رواية “زهايمر أكس” لعبد الزهرة علي ليست مجرد نص سردي عن الضياع، بل هي مقاومة سردية ضد النسيان ومنح شخصياته أبعادا نفسية معقدة، وتحويل الوقائع السياسية والاجتماعية إلى مادة أدبية قابلة للتأمل والتأويل.

وقال العطار في قراءة نقدية خص بها ”المراقب العراقي ” :”في روايته  “زهايمر أكس”، يقدم الروائي عبد الزهرة علي عملاً مركباً ومكثفاً، ينتمي إلى ما يمكن وصفه بـ”الواقعية الكتابية” أو “الواقعية النصية”، وهي الواقعية التي لا تكتفي بنقل الأحداث كما تقع، بل تتعقب أثرها في النفس والذاكرة، وتشتبك مع دلالاتها الرمزية في ظل أزمنة مضطربة”.

وأضاف:إن”هذه الواقعية، كما يوضح نقاد معاصرون، تقوم على تجاوز الفصل التقليدي بين “القالب الأدبي” و”محتواه”، انسجاما مع ما طرحه جورج لوكاش في دعوته إلى وحدة الشكل والمضمون، وهنا تتجلى براعة عبد الزهرة علي في منح شخصياته أبعادا نفسية معقدة، وتحويل الوقائع السياسية والاجتماعية إلى مادة أدبية قابلة للتأمل والتأويل”.

وتابع : إن”الرواية تبنى على شخصية “فاهم” الكاتب، الذي يتولى بنفسه سرد أجزاء كبيرة من العمل، وتدور حوله شبكة من الشخصيات الأخرى مثل “الرصافي” الشاعر الرمزي العائد من الماضي، و”فرهود” رمز الشر المتحول من نظام صدام إلى زمن الاحتلال والديمقراطية، و”جميل” الشاعر المناضل، و”هيفاء” و”وديعة” وغيرهم”

وأوضح : أن”الرواية تقدم شخصيات قلقة، مأزومة نفسيا، تعكس القلق الجمعي لمجتمع مأزوم، حيث يتحول الوطن إلى ساحة للارتباك وفقدان المعنى، في ظل استهداف الذاكرة الجماعية ومحاولة محو الهوية الوطنية. وهنا تكتسب ثيمة “الزهايمر” بُعدا رمزيا يتجاوز البعد المرضي الفردي، ليصبح استعارة عن السعي المنهجي إلى طمس التأريخ والهوية.تقول الرواية على لسان “فاهم”:”يريدوننا أن نصاب بالزهايمر.. كي ننسى الحياة”،”أن ننسى ما يحدث في البلاد.. أن ننسى ماضينا”،لكن الشخصيات المقاومة، رغم المعاناة والموت، ترفض النسيان، وتصر على أن “محو الذاكرة العراقية مستحيل”.

وبين :أن”عبد الزهرة علي اعتمد تنويعا مدروسا في السرد، فجاءت الفصول موزعة على عدد من الشخصيات، مع احتفاظ “فاهم” بالحصة الكبرى (ثمانية فصول)، بينما توزعت بقية الفصول على شخصيات أخرى مثل “جميل”، “فرهود”، “عواد”، و”الرصافي” من الرجال، و”هيفاء”، “وديعة”، و”نوال” من النساء”.

وواصل:”تتنوع نهايات هذه الشخصيات، فالشخصيات الفاسدة تموت بطرائق عنيفة أو مأساوية، مثل “فرهود” الذي يلقى حتفه بتفجير، و”نوال” التي تنتحر، و”عواد” الذي يصبح متشردا فاقدا لذاكرته، بينما يرمز موت “جميل” واغتصاب “وديعة” إلى التضحيات التي تقدمها قوى الخير دفاعًا عن الوطن والكرامة.

وأشار الى أن”رواية “زهايمر أكس” ليست مجرد نص سردي عن الضياع، بل هي مقاومة سردية ضد النسيان، تنطلق من القلق والشتات لتعيد بناء الوعي، وتضع القارئ في مواجهة مع الأسئلة الكبرى حول الهوية والتأريخ والذاكرة.إنها رواية تقول لنا بوضوح: في زمن الخداع والفساد، يصبح التمسك بالذاكرة عملاً بطوليا،وهكذا تتحول الرواية إلى وثيقة فنية تمجد التذكر، وتُدين محاولات التعتيم والنسيان”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى