تقارير خاصة

ضعف الدفاع المدني وغياب شروط السلامة يعمقان الكوارث بسبب انعدام معايير السلامة

المراقب العراقي/ أحمد سعدون

تتواصل خسائر الأرواح العراقية عبر مشاريع الاستثمار الوهمية بالعشرات سنوياً، نتيجة لافتقارها شروط الوقاية والسلامة، وكان آخرها هايبر ماركت الكوت والتي راح ثمانون مواطناً ضحيته، بالإضافة الى العشرات من الجرحى والمفقودين، وكان قبلها مستشفى الخطيب وقاعة أعراس الحمدانية ومستشفى الحسين التعليمي، والقائمة تطول بأعداد المشاريع التي أعطيت تراخيص دون تطبيق أي شروط للسلامة، على الرغم من اصدار توجيهات صارمة من قبل الحكومات الاتحادية والمحلية أثناء وقوع الحوادث، ولكن سرعان ما تنتهي هذه التوجيهات فور ظهور لجان التحقيق الصورية، ويعاد بناء هذه المشاريع بشكل متسارع في مواقع استراتيجية ومهمة وسط بغداد وباقي المحافظات.

ودائماً ما تنشط هذه الحملات بعد أي حادث مأساوي لا قبله، على الرغم من مشاهدة معالم للأبنية والمؤسسات يتم إنشاؤها من مادة (السندويج بنل) سريعة الاشتعال وبشكل واضح للعيان، من دون اتخاذ أي إجراء يذكر من الجهات المعنية سوى عمل الكشوفات في بعض الأحيان.

وأكدت دائرة السلامة المهنية التابعة لمحافظة بغداد، إن ثقافة السلامة لا تزال دون المستوى المطلوب في أغلب مشاريع ومرافق ومباني القطاع الخاص، مبينة أنه على الرغم من الزيارات الميدانية من قبل الدائرة ودوراتها في شروط السلامة وفرض الغرامات، إلا أن كثيراً من أصحاب المصالح في القطاع الخاص، لا يلتزمون، على الرغم من الحوادث المتكررة، بالإضافة الى وجود الفساد الذي يتجاوز هذه الإجراءات مقابل مبالغ مادية ضخمة.

فيما حمّل مراقبون، الجهات الحكومية مسؤولية الحوادث التي تقع بشكل متكرر في جميع المحافظات العراقية وخصوصا في فصل الصيف، نتيجة لاستخدام مواد سريعة الاشتعال في بناء المحال والمطاعم والمولات حتى في بعض المستشفيات والمؤسسات الحكومية، ممّا يعرّض حياة المواطنين الى الخطر، مؤكدين، ان العراق البلد الوحيد الذي يفقد الكثير من الأرواح جراء الحرائق، نتيجة لافتقاره أبسط شروط الأمان في بناياته، بالإضافة الى فقر الدفاع المدني للآليات التي تستخدم في إطفاء الحرائق وان أغلب أجهزته بدائية وبسيطة لا تستطيع التعامل مع أي حريق، ناهيك عن نقص بناه التحتية، قياساً لحجم السكان .

ووسط هذه الصورة وبعد حادثة الكوت الأليمة، صعّدت مديرية الدفاع المدني في بغداد من إجراءاتها الرقابية بحق الأبنية والمشاريع غير الملتزمة بشروط الوقاية والسلامة، وأعلنت إحالة أكثر من 1300 مشروع مخالف إلى جلسة الفصل، بسبب تجاوزات تتعلق بعدم وجود منظومات إنذار وإطفاء أو استخدام مواد بناء خطرة مثل السندويج بنل، وسط تأكيدات ببدء تنفيذ أوامر الغلق بحق منشآت لم تلتزم بمعايير السلامة، وذلك على هامش الاجتماع الطارئ للجنة العليا للدفاع المدني الذي عقد في مبنى محافظة بغداد .

وفي هذا السياق، أكد النائب ثائر مخيف الجبوري في حديث لـ”المراقب العراقي”، ان البرلمان مع موعد لعقد جلسة طارئة يوم غد الاثنين، للوقوف على ملابسات الحريق الذي راح ضحيته العشرات من الضحايا في محافظة واسط، ومحاسبة جميع المقصرين، بدءا من المحافظ الى أصغر موظف على حد تعبيره، محملاً في الوقت نفسه، الجهات الحكومية المسؤولية عن هذا الخلل المتكرر في فرق الدفاع المدني، بالإضافة الى افتقار المشاريع لأبسط معايير السلامة المهنية، على الرغم من تخصيص ميزانيات ضخمة لوسائل الدفاع المدني.

كما انتقد الجبوري، رئاسة الحكومة لإرسالها العشرات من آليات الدفاع المدني بضباطها ومنسبيها الى سوريا، للمشاركة في اخماد حرائق مدن الساحل، واخلاء العراق من آليات الدفاع المدني، في ظل ارتفاع درجات الحرارة التي يمر بها البلد، بالإضافة الى التحديات الأمنية التي يواجهها العراق فضلا عن وجود الكثير من الأعداء الذين يتربصون للعبث بأمنه الداخلي، على حد تعبيره.

ويبقى المواطن هو المتضرر الوحيد جراء سياسة التغافل واللامبالاة التي تنتهجها الحكومة في التعامل مع الممتلكات العامة والخاصة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى