الكهرباء تختفي من المنازل وتُشعل غضب الشارع

في ذروة حر تموز
المراقب العراقي / أحمد سعدون..
في ظل دخول البلاد بموجة الحر المعهودة مع كل صيف تراجعت نسبة تجهيز الطاقة الكهربائية للمواطنين وتجددت المعاناة من هذه المشكلة المزمنة رغم الوعود التي أطلقتها الحكومة الحالية في إيجاد حلول ناجعة بالصيف الحالي ، إلا أن هذه الوعود لم تختلف عن سابقاتها التي أطلقتها الحكومات الماضية بشيء يذكر حيث مازالت ساعات التجهيز منخفضة في ظل تصاعد موجات الحر .
وتشير تقارير جوية إلى أن الحرارة في العراق ارتفعت بمقدار 4 إلى 5 درجات مئوية فوق المعدل خلال العقود الخمسة الماضية، ما يزيد من الحاجة الملحة إلى الكهرباء لتشغيل أجهزة التبريد والتكييف ، ورغم توقيع العراق مذكرة تفاهم مع عدة دول من ضمنها واشنطن المتهمة الاولى بعرقلة هذا الملف، بملايين الدولارات بشأن مشروعات تشمل محطات كهرباء بقدرة 24 ألف ميغاوات، وذلك خلال زيارة وفد تجاري أمريكي قبل فترة الى بغداد يمثل أكثر من 60 شركة وتمت برعاية رئيس الحكومة ، الا أن هذه العقود لم تُجدِ نفعا على ارض الواقع الى الان رغم مرور أشهر عدة على توقيعها بالإضافة الى العقود التي تم إبرامها مع دول مثل مصر والأردن والخليج ولكن تبين انها للاستعراض الإعلامي فقط ولا توجد لها أية مردودات إيجابية على هذا القطاع وهذا ما تم لمسه خلال فصل الصيف الحالي .
وبخصوص الإجراءات الحكومية فقد عدها مراقبون بأنها “تقليدية وترقيعية ولن تختلف عن سابقاتها ومازالت شبكات التوزيع تعاني بنىً تحتية متهالكة وخطوطَ نقل طاقة تالفة ولن تحتمل حرارة الجو “.
ومع تراجع إمدادات الكهرباء، يعتمد العراقيون بشكل متزايد على المولدات الأهلية، لكنها باتت عبئا اقتصاديا ثقيلا، إذ شهدت أسعار الاشتراك فيها ارتفاعا كبيرا مع زيادة الطلب وندرة الوقود، إضافة إلى التكلفة المرتفعة، حيث تسهم المولدات في تفاقم التلوث البيئي نتيجة انبعاث الغازات الضارة، فضلا عن التلوث السمعي الذي يعاني منه سكان المناطق السكنية.
وكالعادة المواقف الحكومية وعلى لسان الناطق باسم وزارة الكهرباء جاءت تبريراتها بشكل غير مقنع، حيث عزت تردي ساعات تجهيز الطاقة للمنازل في العاصمة بغداد ومحافظات عدة، بسبب تناقص الغاز المستورد وتأثيره على محطات الطاقة وتحديد الأحمال بمحطات الإنتاج بسبب التشغيل على الوقود البديل، مضيفة أن المنظومة الوطنية خسرت 4 آلاف ميغاواط، وأن زيادة الطلب على الاستهلاك وارتفاع درجات الحرارة مع دخول ذروة الموجة ، أثر على ساعات تجهيز الطاقة الكهربائية، رغم إعلانها منذ فترة طويلة عن قرب استيراد الغاز من تركمانستان.
وأرجع الخبير الاقتصادي صالح مهدي في حديث لـ”المراقب العراقي” أسباب تردي خدمة الكهرباء إلى تفشي الفساد المالي والإداري في المؤسسات المعنية، إلى جانب سوء التخطيط والإدارة، فرغم الميزانيات الضخمة التي تخصص لقطاع الكهرباء في العراق سنوياً، لا تزال المشاريع الخاصة بإصلاح البنية التحتية وتطوير المحطات متعثرة، ما يؤدي إلى ضعف تجهيز الطاقة وزيادة الاعتماد على المولدات الأهلية”.
وأضاف مهدي أن “ملف الكهرباء أصبح مصيره اقرب الى القرار السياسي منه للقرار الفني وإلا بماذا يُفسر عدم إنجاز هذا الملف رغم صرف مليارات الدولارات عليه” .
وتظل أزمة الكهرباء في العراق واحدة من أكبر التحديات التي تواجه البلاد، وسط حالة من الغضب الشعبي ، ويبقى الحل مرهوناً بقدرة الحكومة على تنفيذ إصلاحات جذرية تضمن توفير خدمة عادلة ومستدامة للمواطنين.



