لوحات التشكيلي علي النجار.. مقاومة للشيخوخة ولغربة المنافي

المراقب العراقي/ المحرر الثقافي..
يُعد التشكيلي علي النجار، واحداً من جيل الابداع الستيني، فهو من الفنانين الذين عرفوا بأساليبهم المتعددة في الرسم وتنوع الخامات المستخدمة في أعماله التي تتراوح بين الواقعية والتجريدية والفنتازية، فكانت لوحاته تعبر عن انسان مقاوم للشيخوخة والغربة التي يعيش فيها منذ سنوات طوال، هرباً من ظلم وملاحقة الطغمة الصدامية.
وقال النجار في تصريح خص به “المراقب العراقي”: إن “السنوات التي أمضيتها في الغربة، وعلى الرغم من كونها هرباً من ظلم وملاحقة الطغمة الصدامية، إلا إنها في الوقت نفسه كانت تغييراً لمسار الحياة التي كنت أعيشها في العراق، ولذلك ظهرت ملامح تلك المعاناة في الحياة كألوان متباينة تدل على الحزن العراقي المقيت طوال سنوات عيشي في العراق طوال مرحلة الشباب”.
وأضاف: ان “العراق في القلب ولذلك تظهر معالمه في كل خطوط لوحاتي، واتفاعل مع كل ما يعيشه المواطن العراقي من معاناة، وأقف معه في كل مطلب، لكونه يستحق جميع مراتب العلو والرفعة، انطلاقاً من كونه صاحب الحرف الاول والساعي الى الابداع، على الرغم ممّا فعلته الطغمة الصدامية من مآسٍ أثرت بشكل سلبي على البلاد، وأدت الى تأخره نسبياً عن ركب الحضارة العالمية، ولكنه قادر الآن على مواكبة الركب العالمي”.
وتابع: إن “المعارض التي شاركت فيها كانت في عدد من الدول العربية والأوروبية وكنت أصرُّ على وضع كلمة الفنان العراقي أمام اسمي، اعتزازاً مني بالانتماء لوطني الذي غادرته جسداً ومازلت مرتبطاً به روحيا”.
النجار ولد في بغداد عام ١٩٤٠ وتخرج من معهد الفنون الجميلة عام ١٩٦١ حيث تتلمذ على يد جيل الرواد المؤسسين للمعهد الفنانين جواد سليم وفائق حسن والدكتور عبد الرحمن الكيلاني، وكذلك فنان الخزف فالنتينوس والفنان اليوغسلافي لازسكي.
وتفرغ للفن أواسط الستينيات وأقام أول معرض شخصي له على قاعة المركز الثقافي السوفيتي عام ١٩٦٦.
أقام بعدها ١٦ معرضاً شخصياً على أشهر قاعات بغداد لغاية خروجه من العراق نحو الأردن ١٩٩٧، كما أقام ثلاثة معارض شخصية في العاصمة الأردنية، ثم انتقل للإقامة في السويد عام ١٩٩٩، حيث أقام فيها معارض عدة، كما قدم معرضين في لندن ومشاركات جماعية في باريس وهلسنكي وألمانيا وهولندا.
رغم انه من الفنانين الستينيين المعروفين، لكنه فضل ان لا ينتمي الى أية جماعة فنية، معتبرا ان فن الرسم هو حالة ابداع فردي.
عرف بأساليبه المتعددة في الرسم وتنوع الخامات، حيث تنقل بين الواقعية والتجريدية والفنتازية وتميز كونه ملوناً بارعاً.
اهتم بالكتابة الفنية، حيث كتب عن أغلب الفنانين العراقيين والعرب وعن الفن التشكيلي العالمي في الصحف والمجلات والدوريات العراقية والعربية.
صدرت له عدة كتب في النقد التشكيلي والسيرة الذاتية بالعربية والانكليزية، وهناك مشاريع كتب فنية أخرى في طريقها للنشر وهو مقيم في مدينة (مالمو) السويدية منذ عام ١٩٩٩ ولحد الآن.
حظي النجار بالعديد من الإشادات حيث وصف الناقد جبرا ابراهيم جبرا أعمال الفنان علي النجار؛ (الفنان علي النجار متفرد بين الرسامين العراقيين بسبب فنطزته، التي تبدو ملهمته، فله رؤى تتداخل فيها الأشكال الإنسانية مع أشكال الطير والحيوان كجزء من رؤياه، وقد استطاع ان يجعل منها حلمه، حيث لا نجد ما يشبهه عند الفنانين العراقيين والعرب، أو في أي مكان آخر من العالم، وهذا التميز هو جزء من تجربته في الحياة على ما يبدو، وأنا أعرف ان في حياته مآسي خاصة كثيرة استطاع ان يتخطاها فيما رسمه في الآونة الأخيرة. وقد استطاع أيضا، ان يضيف لهذه الفنطزة عن طريق الخزف، فجسدها أشكالاً غير متوقعة، ولكن تبقى راسخة في ذاكرتنا).
كما كتب الفنان والناقد الراحل شاكر حسن آل سعيد عن أعمال الفنان النجار: ان “تجربة علي النجار، تمثل الاتجاه الميتافيزيقي في الفن العراقي”.
ونقتبس من كتابة القاص والروائي محمد خضير واصفاً اشتغالات علي النجار الفنية: (استيقظت الكائنات التي صاحبت الفنان رحلته؛ طيور وزواحف وعيون الواقع والحلم، وحين اصطخبت لوحاته بحركاتها الهوج، ونزقها العراقي، سمح للحلم ان يتغلب على اليقظة القصيرة، ويحور أشكالها كما يريد. ويوم تحولت أشكال لوحاته المعتمة الى دفق ضوئي أقوى واستمداد لون شرق – أوسطي أكثر اشراقا، نقلها الى مناخ شمال افريقي، المغرب تحديدا. فخرج منه بتلوينات “هاجس حنين سكن ذواتنا التي هجرت منابع الضوء، سعياً لأمان مرتجى”.