مسرحية “تحولات الأحياء والأشياء” رسالة فلسفية عن صراع الأمل والدمار
المراقب العراقي/ المحرر الثقافي…
تعد مسرحية “تحولات الأحياء والأشياء” لمؤلفها قاسم محمد ومخرجها منعم سعيد حسين، من العروض المسرحية النادرة التي تسخّر الجسد والحركة، لإيصال رسالة فلسفية وجودية عميقة مستوحاة من الواقع العراقي، تمثل الصراع الأبدي بين الأمل والدمار.
وقال المخرج منعم سعيد في تصريح خص به “المراقب العراقي”: ان “المسرح حالة عالمية، فمن خلال الحركة الجسدية يمكن إيصال المعنى إلى المتلقي، وهي مدرسة مسرح الجسد التي تعد أحدث المدارس الفنية، ولذلك عملت في مسرحية “تحولات الأحياء والأشياء” على توصيل المعاناة العراقية من الحروب والارهاب عبر تقنيات هذه المدرسة المسرحية”.
وأضاف: ان “من يشاهد هذه المسرحية سيكون أمام حالة من التغريب الذي هو سيد الموقف في الجو العام للمسرحية، ومن خلاله يرى المشاهد، ان الانسان هو مجرد أشباح تمشي في الشارع والصورة التي تغلف المسرح هو ما يوحي الى هذا المعنى”.
وأشار الى ان “المسرحية عندما عرضت في الاسبوع الماضي في مهرجان بغداد الدولي للمسرحي، حظيت برضا النقاد ودهشة الجمهور الذي لم نكن نتصور حضوره بهذا الشكل الكبير، وهو ما يعني عودة الروح الى قاعات العرض المسرحي في البلاد، بعد الاستقرار الأمني الذي تعيشه العاصمة بغداد والمحافظات العراقية الأخرى في الوقت الراهن”.
من جهته، قال المخرج المسرحي علي فلوحي في تصريح خص به “المراقب العراقي”: ان “مسرحية “تحولات الأحياء والأشياء” واحدة من العروض المسرحية العراقية النادرة التي تسخّر الجسد والحركة لإيصال رسالة فلسفية وجودية عميقة مستوحاة من الواقع العراقي، فاختيار المخرج منعم سعيد لاستلهام نص قاسم محمد في فضاء شبه مجرد، يعكس حالة “السجن الوجودي” الذي تعيشه الشخصيات/ الدمى، ويجسد صراعات الإنسان مع القيود التي تُفرض عليه منذ لحظة ولادته”.
وأضاف: ان “المخرج استطاع أن يخلق عالماً مسرحياً مذهلاً من خلال سينوغرافيا غنية بالرموز والدلالات، فمن يشاهد الدمى الخيطية البيضاء، سيجد ان اللون الأبيض طاغٍ ليمنح المشاهد شعوراً بالرتابة والاغتراب، لكنه في ذات الوقت، يُبرز رمزية الطهارة والتوق للحرية”.
وتابع: ان “القناع والزي قد تم استخدامها بذكاء كبير، فقد استخدم المخرج القناع والأزياء كوسيلة لإظهار ازدواجية الشخصيات – بين وجودها كدمى وبين سعيها للتحول إلى بشر يمتلكون الإرادة والحرية”.
وأوضح: ان “الحركة في العرض ليست مجرد استعراض، بل تُعد “لغة بصرية” بديلة عن الحوار التقليدي، الجسد هنا هو الناطق الأساسي، يُعبّر عن صراعات داخلية وخارجية من خلال حركات تعبيري محسوب بدقة، متناغم مع أصوات الموسيقى المرافقة للعرض”.
بين: ان “القارب استخدم كمشهد رمزي، حيث ان مشهد القارب الذي يُحاصر بالرصاص كان لحظة يمثل ذروة بصرية ودلالية في العرض، حيث تُبرز قوة السينوغرافيا والموسيقى الصراع الأبدي بين الأمل والدمار”.
وأشار الى ان “الأصوات، المتداخلة مع الحركة، أضافت بُعداً شعورياً قوياً للعرض، مما جعل الجمهور ينخرط بالكامل مع الأحداث، كما ان اختيار المقطوعات الموسيقية كان ذكياً ويعكس الروح الشرقية التي تمثل مقاومة الحروب والقهر”.
ولفت الى ان “العرض يتناول قضية إنسانية عالمية، الصراع بين الحرية والقيد، وبين الإرادة والتحكم، ففي مشهد عودة الدمى إلى عالمها الأولي تُبرز نهاية العرض، حيث ان فكرة الهروب من القيود، لا تعني التحرر دائماً، فالحرية لا تأتي دون صدمات ولا من دون ثمن”.
وأكمل: ان “مسرحية تحولات الأحياء والأشياء تعد تجربة فنية عميقة تتخطى حدود الكلمة، لتصل إلى أعماق الروح من خلال الجسد والموسيقى والصورة البصرية، فالمخرج منعم سعيد حسين أبدع في تقديم عرض متكامل، جعل الجمهور يعيش تجربة تجمع بين الجمال والفكر، بين الفرح والتأمل، في رحلة تبحث عن معنى الحرية والحياة”.