اخر الأخبارالنسخة الرقميةتقارير خاصةسلايدر

فساد وزارة التجارة يخفي 3 حصص من البطاقة التموينية

مع اقتراب نهاية عام 2025


المراقب العراقي/ أحمد سعدون..
يشهد ملف البطاقة التموينية، واحدة من أكثر مراحل التعقيد خصوصاً في ظل اخضاع وزارة التجارة الى المحاصصة السياسية، وتكالب الأحزاب الفاسدة عليها والتلاعب بمقدراتها، ونظراً لدخول البلاد الشهر الثاني عشر من العام الحالي، فيما لا يزال التوزيع متوقفاً عند حصة الشهر الثامن، مع إعلان الوزارة نيتها إطلاق حصة الشهر التاسع خلال كانون الأول، وهو ما يعني عملياً تبخر ثلاثة أشهر من السنة من دون تقديم أي بديل غذائي للمواطنين، رغم أن ميزانية هذا الملف تعد الأكثر تمويلاً في الموازنة العامة.
هذا التأخير المتكرر لم يعد ظاهرة عابرة، بل تحوّل إلى أزمة ثقة عميقة بين المواطنين والجهة المسؤولة عن توفير أحد أهم الموارد الغذائية للأسر محدودة الدخل، فعلى الرغم من تخصيص مبالغ كبيرة لتأمين السلة الغذائية وتطوير مفرداتها، إلا أن الواقع يعكس فجوة واضحة بين التمويل الذي يحصل عليه هذا الملف، وبين مستوى الخدمة الفعلية التي تصل للمواطن، الأمر الذي فتح باب التساؤلات عن أسباب هذا الصمت الحكومي، على الرغم من بروز الفساد بشكل فاضح أمام الرأي العام.
ويشير مراقبون مهتمون بالشأن الاقتصادي إلى أن المشكلة ليست مالية بقدر ما هي تلاعب بالمقدرات، مؤكدين، أن حجم التمويل المخصص للبطاقة التموينية كان يفترض أن يضمن انتظام التوزيع طوال السنة، بل وتحسين محتويات السلة الغذائية، إلا أن ما يحدث هو العكس تماماً، مبينين، أن الفساد المستشري في الوزارة بالإضافة الى ضعف التخطيط والشبهات حول آليات التعاقد والتجهيز والتخزين، تجعل نظام الوزارة بأكمله تحت طائلة المساءلة.
أما ضياع ثلاثة أشهر كاملة من مفردات البطاقة التموينية فيمثل، بحسب مختصين في الأمن الغذائي، ضربة مباشرة للفئات الأشد فقراً في المجتمع، والتي تعتمد على السلة الغذائية كجزء أساسي من قوتها اليومي، هذا الغياب يضطر العائلات إلى شراء المواد الغذائية من السوق التجارية بأسعار مرتفعة، ما يزيد العبء المعيشي ويعمّق الفجوة الاقتصادية بين الشرائح المجتمعية.
ويحذر مراقبون من استمرار هذا النمط من التعثر، لأنه سيؤدي إلى إضعاف منظومة الأمن الغذائي التي تعتمد عليها الدولة، ويفتح الباب أمام أزمات متكررة في كل عام مع غياب أي حلول جذرية.
وفي ظل هذا الواقع، تتسع الهوة بين المواطن والحكومة، فعدم إعلان الوزارة عن الأسباب التفصيلية للتأخير، والاكتفاء ببيانات مقتضبة، ولّد شعوراً واسعاً بغياب الشفافية والتستر على الشبهات.
ومن جانب آخر، يرى الخبير الاقتصادي د. فالح الزبيدي في حديث لـ”المراقب العراقي”، أن “معالجة هذه الأزمة لا يمكن أن تجري عبر حلول جزئية أو إجراءات ترقيعية، بل تحتاج إلى إعادة بناء شاملة للمنظومة، بدءاً من هيكلة إدارات وزارة التجارة، ومراجعة عقود الاستيراد والتجهيز، وصولاً إلى أنظمة التخزين والنقل والتوزيع، مع إشراك رقابة مستقلة تراقب المراحل كافة لمنع الهدر والتأخير”.
وأضاف، إن “استمرار هذا التراجع في أداء أحد أهم الملفات الخدمية في العراق يجعل من إصلاح وزارة التجارة، ضرورة وطنية، لا مجرد خيار إداري”، مبينا، ان “الأمن الغذائي للمواطن يجب أن يكون بعيداً عن المحاصصة السياسية ومحصناً ضد سوء الإدارة، لضمان وصول السلة الغذائية بانتظام وبمحتوى لائق ينسجم مع حجم الإنفاق الحكومي المخصص لها”.
ولفت الى ان “اخضاع الوزارة الى المساومات والصفقات السياسية يترك أثراً سلبياً على المواطن البسيط الذي يترقب رغيف خبزة بفارغ الصبر، مشدداً على ضرورة ابعاد هذه الوزارة المهمة التي ترتبط ارتباطاً مباشراً بحياة المواطن عن الأطماع السياسية”.
وكانت وزارة التجارة، قد كشفت في وقت سابق عن حجم المبالغ المخصصة للبطاقة التموينية في الموازنة الثلاثية، مشيرة الى انها تتراوح بين ثلاثة إلى خمسة تريليونات دينار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى