الكتل تدخل معركة اختيار الرئاسات الثلاث وتوقعات بتجاوز المدة القانونية

عجلة تشكيل الحكومة تسير ببطء
المراقب العراقي/ سداد الخفاجي..
مع إعلان نتائج الانتخابات النهائية، باشرت الكتل السياسية في العراق، مباحثاتها واجتماعاتها لتحديد ملامح الحكومة الجديدة، واختيار مرشحي الرئاسات الثلاث، في مهمة يبدو انها غير سهلة وتحتاج الى نقاشات وضمانات، من أجل المضي بتشكيل الحكومة العراقية الجديدة، واكمال نجاح الانتخابات التشريعية، سيما وان العراق بحاجة الى الإسراع بهذا الملف، بسبب وجود ملفات ومشاكل ثقيلة تحتاج الى حلحلة، منها الملف الاقتصادي والسيادي، إضافة الى القوانين التي ترتبط بمصلحة شرائح مهمة من الشعب العراقي.
عجلة تشكيل الحكومة واختيار الرئاسات الثلاث، يبدو انها تسير ببطء وحذر شديدين، بسبب الخلافات المتراكمة داخل المكونات وفيما بينها، وبالتالي فأن مهمة تشكيل الحكومة بحاجة الى وقت، قد يتعدى المدد الزمنية القانونية التي حددها الدستور، كما جرت العادة عند تشكيل الحكومات السابقة والتي كانت ولادتها عسيرة جداً، وجاءت بعد تدخلات خارجية لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء السياسيين.
يشار الى ان مجلس القضاء الأعلى جدد دعوته السابقة للأحزاب والقوى السياسية إلى احترام التوقيتات الدستورية في تشكيل السلطتين التشريعية والتنفيذية، مشدداً على أن التأخير في تشكيل السلطات أصبح سمة متكررة في العملية السياسية، وغالباً ما يفتح أبواباً للتدخلات والضغوط وإعادة توزيع النفوذ خارج الأطر القانونية، مشيراً إلى أن القضاء يسعى إلى إعادة الجميع إلى مربع الانضباط الدستوري، مؤكداً، أن احترام المدد الزمنية ليس خياراً سياسياً يمكن تجاوزه؛ بل هو التزام يضمن استمرار شرعية النظام السياسي برمته.
وعلى الرغم من محاولة الكتل السياسية الالتزام بالمدة الزمنية، إلا ان حجم الخلافات بين الكتل السياسية ستكون له الكلمة الأعلى في عملية تشكيل الحكومة، وستتعقد الأمور بشكل كبير خلال الأيام المقبلة، بحسب ما يراه مراقبون، سيما مع وجود خلافات سابقة تزيد من صعوبة تشكيل الاتفاق على المرشحين، وبالتالي فأن الاعتراضات ستكون داخل المكونات وخارجها، بمعنى آخر، ان الكتل السُنية قد ترفض مرشح الإطار التنسيقي والعملية عكسية مع المكونات الأخرى.
وحول هذا الموضوع، يقول المحلل السياسي جمعة العطواني لـ”المراقب العراقي”، إن “تشكيل الحكومة سيتأخر وان الخلافات جارية على رئاستي الجمهورية والنواب، وبالتالي فأن الحكومة الجديدة ستتشكل بصعوبة”.
وأضاف العطواني، أن “السُنة اليوم يطالبون برئاسة الجمهورية، وهذا يشكل سقفا عاليا في المطالب، ولن يتنازلوا عنه إلا أمام تنازلات من الأكراد”، مشيراً الى ان “الخلافات كبيرة داخل المكون السُني وعملية اختيار مرشحهم ستمتد لفترة طويلة”.
وفيما يتعلق بالأكراد فقد أكد العطواني، ان “التنافس كبير ما بين اليكتي والبارتي والخلافات بينهما قديمة ومتجددة، منوهاً الى ان اختيار رئيس الجمهورية مرتبط بشكل كبير في تشكيل حكومة أربيل التي توقفت مفاوضاتها منذ أكثر من ثلاثة أشهر”.
وأشار الى ان “رئاسة الوزراء لا تقل صعوبة عن بقية الرئاسات، وهنالك ثمة اختلافات بين مكونات الإطار التنسيقي، لكن اختيار الكتلة الأكبر أو مرشح الحكومة المقبلة لا يكون فيه خرق دستوري لأنه لا بدَّ من اختيار رئيس البرلمان ومن ثم اختيار رئيس الجمهورية، وبعدها يكلف رئيس الجمهورية مرشح الكتلة الأكبر، وبالتالي فأن الإطار يشعر بأريحية أكثر من المكونات الأخرى”.
وتسود حالة من عدم الوضوح داخل الإطار التنسيقي في عملية اختيار مرشح رئيس الحكومة المقبلة، فعلى الرغم من إعلانه في وقت سابق تشكيله لجنة لاختيار رئيس الوزراء على وفق شروط وآليات تم الاتفاق عليها، إلا انه لم يتم الاتفاق لغاية الآن على مرشح الإطار، الأمر الذي يعكس وجود تباين واختلاف في وجهات النظر لم يتم حسمها لغاية الآن، وان الاجتماعات مجرد لقاءات عادية في ظل الفتور داخل الكتلة الأكبر.
بالنسبة للأكراد، فأن العملية معقدة أكثر بين الأحزاب في الإقليم، خاصة وان هنالك صراعاً غير مخفي على المناصب بين الحزبين الحاكمين في كردستان، إذ ربط حزب البارزاني منح رئاسة الجمهورية الى الاتحاد الوطني بالتنازل عن مناصب مهمة في حكومة الإقليم، وهو ما رفضه اليكتي، الذي يرى ان هذه استحقاقات ويجب ان يحصل عليها وبالتالي تجمدت المفاوضات بين الأكراد بشكل نهائي.
وفي خطوة لجمع قادة المكون السُني، تم تشكيل المجلس السياسي الوطني بضغط خارجي، لتوحيد قرار المحافظات الغربية فيما يتعلق بتشكيل الحكومة، إلا ان مراقبين يتوقعون ان الصراع “السني – السني” سرعان ما سيعود الى الواجهة بعد الانتهاء من توزيع المناصب، لأن الصراع في المحافظات الغربية وصل الى حد التقاتل بالسلاح والتصفية الجسدية، إضافة الى وجود شخصيات تحاول مصادرة رأي المكون لها فقط وهو ما ترفضه الكتل الأخرى.
ويبقى العراقيون يتأملون تشكيل حكومة وطنية بأسرع وقت ممكن، من أجل الحصول على حقوقهم التي كفلها الدستور، وتصحيح أخطاء الحكومات السابقة، ومنحهم خدمات أفضل عبر توفير سبل العيش الكريم، كما ان الوضع في العراق بحاجة اليوم الى حكومة قوية قادرة على مواجهة التحديات المحيطة به مثل الجفاف والوجود الأمريكي والتركي وقضايا أخرى تتعلق بالسيادة.



