الحكومة المقبلة أمام تحديات مالية كبيرة تضعها بحرج مع المقاولين

الديون تعطل إنجاز المشاريع الجديدة
المراقب العراقي/ أحمد سعدون..
يتواصل الجدل حول قدرة الحكومة العراقية المقبلة على تنفيذ مشاريع جديدة في ظل الواقع المالي الذي يمر به البلد ، والديون المتراكمة التي في ذمة الحكومة، ومنها مستحقات المقاولين، فبينما تستمر الحكومة الحالية في الإعلان عن مشاريع تطوير عمرانية وتصرح بإنجاز أكثر من 42 جسراً وتقاطعات مجسرة، يؤكد اتحاد المقاولين أن هذه المشاريع قد اكتملت بجهود شركات لم تتسلّم حقوقها المالية منذ سنوات، مما خلق فجوة كبيرة بين الإنجاز الفعلي والدعم المالي المطلوب لاستمرار القطاع الخاص في أداء دوره.
ويشير خبراء الاقتصاد إلى أن” المشكلة لا تتعلق فقط بتأخر الحكومة في صرف المستحقات، بل تمتد إلى وجود عجز غير معلن في الموازنة يدفع الحكومة إلى تأجيل التزاماتها، رغم أنها تؤكد توفر التمويل اللازم للمشاريع الجديدة، مبينين أن المستحقات المتأخرة تُعد بمثابة ديون حكومية غير مصرح بها، تؤثر على الأداء المالي للشركات المحلية، وتعرقل قدرتها على المشاركة الفاعلة في مشاريع التنمية المقبلة.
ويضيف الخبراء أن “هذا الوضع يؤثر على الثقة بين الدولة والقطاع الخاص، فالشركات التي لم تستلم حقوقها بعد انتهاء أعمالها تصبح أقل استعداداً لخوض مشاريع جديدة، بل إن بعضها يواجه خطر الإغلاق أو تقليص أعماله نتيجة تراكم الديون وقروض التشغيل”.
ويشير الخبراء إلى أن” هذه الشركات تتحمل الجزء الأكبر من أعباء المشاريع، من رواتب العمال إلى شراء المواد ومواجهة تقلبات الأسعار والظروف المناخية، بينما تبقى مستحقاتهم رهينة الإجراءات البيروقراطية أو نقص السيولة”.
ويأتي ذلك في وقت تتحدث فيه الحكومة عن إنجازات عمرانية كبيرة، لكن دون ذكر حجم الالتزامات المالية المتراكمة أو خطط معالجتها، ويؤكد الاتحاد أن هذا الأسلوب في إدارة المشاريع يجعل القطاع الخاص يشعر بأن جهوده لا تقدر، وأن إنجازاته تُعرض على أنها جزء من نجاح حكومي دون الاعتراف بدوره الحقيقي.
وفي الشأن ذاته أكد المهتم بالشأن الاقتصادي ضياء الشريفي في حديث لـ”المراقب العراقي”، أن “الحكومة المقبلة ستكون أمام تحديات مالية معقدة، فالإعلان عن مشاريع جديدة دون حسم ملف المستحقات سيضعها في مواجهة أزمة ثقة حادة بين القطاع الخاص وشركات الاستثمار”.
وأضاف ، أن “استمرار هذا النهج قد يؤدي إلى تراجع مشاركة الشركات المحلية في المناقصات الحكومية، أو رفع أسعار العطاءات كنوع من التعويض عن المخاطر المالية”، مشدداً على “ضرورة بناء علاقة توافقية بين الدولة والقطاع الخاص على أساس الشراكة الفعلية، بحيث تكون للمقاولين ضمانات واضحة لصرف مستحقاتهم في الوقت المناسب، مع وجود آليات بديلة للتمويل تمنع تراكم الديون”.
كما أكد الشريفي “ضرورة اتخاذ الحكومة المقبلة خطوات واقعية تبدأ بالاعتراف الكامل بحجم المستحقات المتراكمة، ثم وضع جدول زمني واضح وشفاف للصرف، إضافة إلى مراجعة الأولويات الاقتصادية قبل إطلاق مشاريع جديدة لأغراض سياسية أو إعلامية، كما يتعين عليها تعزيز الشفافية في الإفصاح عن الوضع المالي، تجنباً لخلق انطباعات زائفة عن قدرة الدولة على تنفيذ خططها دون معالجة إرث الديون القديمة”.
من الجدير بالذكر أن نجاح أي برنامج إعمار مستقبلي مرهون بضمان حقوق الشركات التي تبني على الأرض، فالمقاول الذي لا يتسلم مستحقاته لن يكون قادراً على تشغيل عماله أو شراء المواد أو الاستمرار في تنفيذ المشاريع.
ولذلك، يرى الخبراء أن الحكومة المقبلة لن تتمكن من تحقيق نهضة عمرانية حقيقية ما لم تبدأ أولاً بتسوية ملف المستحقات وتعزيز الثقة مع القطاع الخاص، وإلا فإن الإعلان عن مشاريع جديدة سيبقى مجرد شعارات لا تجد طريقها إلى التنفيذ.
يُذكر أن مجلس محافظة البصرة أكد في وقت سابق أن مستحقات المحافظة من موازنة عام 2024 لم تصل لغاية الآن ، لافتا إلى أن هناك تريليونا و 200 مليار دينار مستحقات المقاولين جراء أعمال منجزة لهم ولم يتم صرفها من الحكومة المركزية.



