توقف تطبيق “سوبر كي” المفاجئ يكشف ضعف الأنظمة المالية

أرصدة المواطنين معرضة للتصفير
المراقب العراقي / أحمد سعدون..
شهد مستخدمو بطاقات الدفع الإلكتروني “سوبر كي”، صباح أمس، حالة من الإرباك والقلق بعد توقف مفاجئ في خدمات التطبيق شمل عمليات السحب والإيداع والتحويل، إضافة إلى تصفير أرصدة عدد من الحسابات، هذا العطل المفاجئ أحدث ضجة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث عبر المواطنون عن خشيتهم من فقدان أموالهم التي أودعوها في حساباتهم الرقمية.
ويعتمد آلاف المواطنين والموظفين في العراق على بطاقات “سوبر كي” في معاملات الشراء اليومية وتسلم الرواتب والتعاملات التجارية، ما جعل التوقف المفاجئ للتطبيق يترك أثراً مباشراً على الحياة اليومية للكثيرين، خاصة في ظل محدودية البدائل المصرفية السريعة.
ويرى مختصون في الشأن المالي أن ما حدث يمثل مؤشراً خطيراً على هشاشة البنية التحتية للقطاع المالي الإلكتروني في العراق، ويكشف عن حاجة ملحة لتعزيز أنظمة الحماية التقنية وضمان استمرارية الخدمات للمستخدمين دون انقطاع، مبينين أن الاعتماد المتزايد على التطبيقات الإلكترونية دون وجود تشريعات ضامنة يعرض أموال المواطنين للخطر في حال وقوع أي خلل فني أو إداري.
ولفتوا الى أن الحادثة عكست غياب آليات الاستجابة السريعة في الشركات المالية المحلية، وأن الثقة في الخدمات المصرفية الإلكترونية لا تُبنى على التقنية فقط، بل على سرعة التواصل مع الجمهور ووضوح الإجراءات في الأزمات، مؤكدين أن غياب الشفافية في التعامل مع مثل هذه الأعطال يجعل المواطنين أكثر حذراً في إيداع أموالهم مستقبلاً في التطبيقات الإلكترونية.
من جانبهم، يرى مختصون في التقنية المالية أن ما جرى يجب أن يكون نقطة تحول في التفكير بمستقبل الدفع الإلكتروني في العراق، مؤكدين أن السوق العراقية تحتاج إلى بيئة قانونية وتنظيمية أكثر صرامة، تُلزم الشركات المشغلة بتأمين بيانات المستخدمين وحماية أرصدتهم، تماماً كما يحدث في الأنظمة المصرفية العالمية.
وكشف هذا الخلل الفني هشاشة الثقة بين المواطنين والمصارف، فالكثير من العراقيين لجأوا خلال السنوات الأخيرة إلى المنصات الإلكترونية بحثاً عن السهولة والسرعة في المعاملات المالية، لكن تكرار الأعطال الفنية والتأخير في المعالجات جعل هذه الثقة مهددة.
مراقبون أكدوا أن هذه الأزمة لن تكون الأخيرة ما لم تتدخل الجهات الرقابية، مثل البنك المركزي، بوضع معايير واضحة لإدارة المخاطر ومتابعة أداء شركات الدفع الإلكتروني، مشددين على ضرورة وجود تعويضات مضمونة في حال تعطل الأنظمة أو ضياع البيانات.
وعلى الرغم من عودة التطبيق الى العمل بحجة الصيانة المؤقتة، ترك هذا التوقف حالة من الترقب والخوف لدى المستخدمين من ضياع أموالهم مستقبلاً، فيما تتزايد المطالب بإصلاح شامل للبنية الرقمية في قطاع المدفوعات، بما يضمن استقرار الخدمات وحماية أموال المواطنين، ويعيد الثقة تدريجياً بالنظام المصرفي الإلكتروني في البلاد.
وفي ذات السياق أكد المهتم بالشأن الاقتصادي أحمد الوائلي في حديث لـ”المراقب العراقي”، أن “ضعف منظومة الإنترنت في المصارف، وغياب الرقابة الفاعلة من قبل البنك المركزي، إضافة إلى قصور الأمن السيبراني في السيطرة على المواقع وحماية بيانات الزبائن، كلها عوامل جعلت القطاع المصرفي في وضع حرج، وأسهمت بخلق أزمة ثقة بين المواطنين والمصارف الحكومية والأهلية”.
وأوضح الوائلي أن “افتقار المصارف إلى إجراءات الحماية الرقمية المتقدمة أدى إلى هشاشة أنظمتها الإلكترونية، ما جعلها غير قادرة على ضمان أموال المُودِعين أو حماية المعلومات الحساسة للعملاء، مبيناً أن ضعف الأمن السيبراني وعدم فاعلية آليات السيطرة على المواقع المصرفية جعل من السهل اختراقها أو تعطيلها، وهو ما يهدد سلامة العمليات المالية”.
وأشار إلى أن “البلاد تشهد اندفاعاً كبيراً نحو التحول الرقمي في المجال المالي، دون أن يكون هناك أساس تقني قوي يضمن أمن هذه الأنظمة واستقرارها، محذراً من أن هذا التسرع في اعتماد الخدمات الإلكترونية دون تحصينها قد يؤدي إلى خسائر مالية ضخمة في حال وقوع أي اختراق أو خلل فني”.
ولفت الوائلي الى أن “المصارف العراقية ما زالت بعيدة عن المستوى المطلوب في حماية أموال المواطنين وإدارة الأنظمة الرقمية بكفاءة، لافتاً إلى أن الثقة بين المواطن والمؤسسات المصرفية كانت أصلاً ضعيفة، وجاءت هذه الحادثة لتزيد من اتساع الفجوة بينهم”.
ويرى خبراء أن بناء بيئة مالية آمنة ومستقرة يتطلب تطوير البنية التحتية للمصارف وتعزيز الأمن السيبراني بشكل جاد، لضمان استمرارية الخدمات المصرفية ومنع تكرار الأزمات التي تهز ثقة المواطن بالنظام المالي، وترسيخ التحول الرقمي على أسس متينة تواكب التطور العالمي.



