ظلم العروبة

مرتضى التميمي
على وقعِ النبوءات الأخيرة
ومن قلقِ القلوب المستجيرة
أتيتَ من الهدوءِ بكل لطفٍ
وطمأنتَ العقولَ المستطيرة
هبطتَ كغيمةٍ بيضاءَ تسعى
لتذرفَ حملَها فوقَ البصيرة
فتكتشفُ القلوبُ بأن باباً
يؤدي للسماءِ المستنيرة
وأن وراءَ هذا الظلمِ يأتي
انفراجٌ للملايين الأسيرة
هبطتَ على الظلامِ فصار نوراً
وأهدتكَ السماءُ خُطىً وفيرة
وأسريتَ القلوب لكي تعيها
لتكفرَ بالقوانينِ الحقيرة
إذا جاءت قصيدتُك الأخيرة
محمّلةً بأوجاعٍ كثيرة
وحطّتْ فوقَ وعدٍ ليس يدري
بأنّ الشعرَ غايتُه خطيرة
وجهّزتِ الصدورَ لكل سهمٍ
وأفردتِ الضلوعَ لكي تزورَه
ترفّق بالمُريدين القدامى
وأجلسهم على سُررٍ وثيرة
وأخبرهم عن الوعد المُرجّى
وعن طفلٍ رأى سلفاً مصيرَه
وعن ظلم العروبة كيف أهدت
كرامتها إلى الدول الأجيرة
وكيف جيوشها أمست عبيداً
ولا تقوى على حمل المسيرة
وجاء السامريُ بزيّ شيخٍ
وأعلن حائطُ المبكى نفيرَه
ومزمارُ اليهود غزا الأغاني
وخان الحاكم اللاهي ظهيره
وكان الشعرُ في جنبيك يغلي
وأشعلتِ القلوبُ له قدورَه
نظرت إلى السماءِ فلم تجد ما
رأيت قبيلَ أيامٍ قتيرة
وزارتكَ الظروفُ بدون إذنٍ
أتتكَ فأورثتكَ رؤىً عسيرة
وكنت تمثّلُ الأوجاعَ كمّاً
ونوعاً والضياعَ بخير صورة
ولكن ما انكسرتَ وإن تمادت
على عينيك أقزامٌ صغيرة
سموت على جراحكَ فاستقرّت
على جوديّها قصصُ كثيرة
وما كانت سفينتك انكساراً
فألواحُ الرحيلِ بدت وقورة
تقاسمَكَ الزمان كما رغيفٍ
وسلّط فوقك التأريخُ نورَه
وعشت مع الكرامة مثل قلبٍ
إذا النبضُ انتهى تُركتْ ضريرة
سلامٌ للعيون السود دوماً
سلامٌ للتجاعيدِ المريرة
سلامٌ للأراملِ واليتامى
سلامٌ للشهيد على الحصيرة
سلامٌ للحفاةِ السُمرِ منكم
تعلّمْنا المشاويرَ الجديرة
سلامٌ من عراقيٍ كسيرٍ
غريقٍ في قوافيهِ الكسيرة
يقدّمها لكم خجِلاً أسِيفاً
عسى أن تقبلوا كرماً شعورَه.



