تحت شعار “قادمون يا بغداد”.. الحكومة تستقبل “مفتي داعش”

دعاة الفتنة يعودون للواجهة
المراقب العراقي/ سداد الخفاجي..
تشهد الساحة السياسية العراقية، حراكاً غير مسبوق خلال هذه الفترة، تجاوز جميع الأعراف والمحاذير الأمنية التي يترتب عليها هذا الحراك، إذ أثارت خطوات الحكومة العراقية السماح بعودة المطلوبين للقضاء العراقي بتهم تتعلق بالإرهاب، جدلاً واسعاً، بين الأوساط الشعبية والقوى السياسية الوطنية، التي رأت بأن هذه الخطوات تعتبر خيانة لدماء الأبرياء التي أُريقت بسبب التحريض والشحن الطائفي الذي انتهجته شخصيات من المحافظات الغربية قبل سنوات عدة.
وخلال الفترة الماضية، سمحت الحكومة العراقية لبعض الشخصيات المتهمة بالإرهاب بالعودة الى بغداد، وفك القيود الإعلامية عنها، في خطوة أعادت الى أذهان العراقيين، مشاهد ساحات الاعتصام الطائفية في المحافظات الغربية، وما تبعها من عمليات إجرامية استهدفت الجيش العراقي، وتسليم ثلاث محافظات لتنظيم داعش الاجرامي، ما أثار مخاوف عودة الحراك الطائفي في البلاد، سيما مع الاضطرابات التي تمر بها المنطقة.
وسائل الإعلام تلاقفت خبر عودة المتهم بالإرهاب رافع الرفاعي، تحت عناوين مختلفة جميعها عبّرت عن رفض الشارع العراقي لهذا القرار، إذ وضعت الحكومة، المواطنين أمام صدمة ودهشة من هكذا خطوة، خاصة وان الرفاعي تم استقباله عبر وفد رسمي برئاسة مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي، ممّا أثار الكثير من علامات الاستفهام حول الغرض من السماح بعودة المطلوبين للإرهاب، وتسوية جميع الاتهامات المتعلقة بهم، فيما وضع مراقبون هذه القرارات، في خانة الضغط الخارجي الذي تفرضه الدول الإقليمية والدولية على بغداد.
الجدير ذكره، ان الحكومة قررت سابقاً، السماح بعودة الإرهابي علي حاتم السليمان الى العراق، وإلغاء قرار منعه من الظهور إعلامياً، ليعود السليمان الى إثارة النعرات الطائفية عبر تصريحات مسمومة تعيد الشارع العراقي الى مربع الطائفية الأول، كما أبرمت الحكومة، تسويات سياسية أخرى بحق مطلوبين بقضايا إرهاب، لتمهد الطريق أمام عودتهم الى الحياة السياسية، فيما يتخوّف مواطنون من عودة أسماء مثل طارق الهاشمي وغيره من الشخصيات التي ارتكبت جرائم بحق الشعب العراقي.
خبراء في مجال الأمن حذروا من هذه القرارات، مؤكدين ان المصالح السياسية يجب ان لا تتعارض مع الأوضاع الأمنية في البلاد، وبالتالي فأنه لا يمكن السماح بعودة شخصيات يمكنها إثارة الفوضى مجدداً في البلاد، الأمر الذي يتطلب تفعيل الجهد الاستخباري وفرض رقابة مشددة على الرفاعي والسليمان وغيرهما من الشخصيات المتهمة، حتى لا يتمكنوا من توجيه ضربات أمنية، سيما وان هؤلاء لديهم ارتباطات قوية بالجماعات الإجرامية.
ويرى المحلل السياسي إبراهيم السراج، إن “عودة المطلوبين للإرهاب، لا تندرج تحت برنامج الحكومة، بل هي مرتبطة بالضغوط الخارجية، مشيراً الى ان هذه الشخصيات متغلغل فيها الفكر الإرهابي، وتمثل خطراً على أمن البلاد”.
وقال السراج في تصريح لـ”المراقب العراقي”: إن “رافع الرفاعي مازالت مقاطعه موجودة والتي يتحدث فيها عن تقبيل يد الإرهابيين ودعمه للعمليات الإجرامية ضد القوات الأمنية”، منوهاً الى ان “عودة الشخصيات المطلوبة للقضاء العراقي، هي نقطة ضعف تسجل ضد الحكومة”.
وتابع، “اليوم، الحكومة سمحت بعودتهم، وأصبح الرفاعي أمراً مفروضاً وواقعاً، لكن يفترض بالحكومة ان تأخذ تعهدات وتفرض رقابة أمنية مشددة عليهم، لأنهم وبكل تأكيد مازالوا مرتبطين بشكل أو آخر بالجماعات الإرهابية”.
وأشار السراج الى ان “هذه الشخصيات ستتم إعادة دمجها بالمجتمع مجدداً، وستصبح جزءاً من المشكلة في المستقبل، كما هو الحال مع خميس الخنجر الذي تمت تسوية جرائمه واليوم يطلق تصريحات طائفية يؤثر فيها على الوضع الأمني واستقرار البلد”.
وبيّن، ان عودة “الرفاعي بهذه الطريقة، تعتبر تهديداً لأمن المجتمع والسلم الأهلي وأمن الدولة”، منوهاً الى ان “الحكومة رفعت قبل فترة، التهم عن الحركة المدخلية بضغط من الخنجر وقطر، وها هي اليوم ترتكب جرائم في وضح النهار دون أي رادع”.
ردة فعل العراقيين الرافضة لهذا الحراك كانت واضحة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إذ كتب مدونون على صفحاتهم، “بغداد تفتح أبوابها للإرهابيين” و”شيوخ الفتنة يتجولون في العاصمة بحماية الحكومة”، فيما يرى آخرون، أن هذه الخطوة خيانة لدماء أبناء القوات الأمنية والمدنيين الذين ذهبوا ضحايا لتحريض هذه الشخصيات، مؤكدين انه كان الأجدر بالحكومة، جلبهم من الخارج وتقديمهم الى العدالة لينالوا عقابهم، لا ان تفتح الأبواب أمامهم وتستقبلهم استقبال القادة.
يذكر ان قادة منصات الاحتجاجات فروا جميعهم من العراق، بعد تحرير المقاومة الإسلامية والحشد الشعبي للمحافظات الغربية، وقد صدرت بحقهم، مذكرات اعتقال دولية، بتهمة التحريض وارتكاب جرائم بحق الشعب العراقي بمختلف طوائفه وألوانه، لكن الأمور جاءت عكس التوقعات، بسبب المصالح والضغوط السياسية.



