العسكري يكشف دور شبكات التجسس في صناعة الفوضى والعبث بأمن العراق

بعد افراغ المعلومات من “فريق تسوركوف”
المراقب العراقي/ سداد الخفاجي..
بعد سقوط النظام المقبور واحتلال العراق من قبل القوات الأمريكية، عملت واشنطن على فتح الأبواب على مصراعيها، وحوّلت البلاد الى مركز لعمليات التجسس على دول المنطقة، والعملية السياسية في الداخل، ما ولّد مشهداً فوضوياً أدى الى حرب طائفية ونشاط للعصابات الإجرامية، ذهب ضحيتها المئات من المواطنين الأبرياء، وانتج عنها عملية سياسية عرجاء، وحوّلت التجربة الديمقراطية في العراق الى مثال سيئ للبلدان التي تريد التغيير، كل هذه الأحداث تمت بإدارة أمريكية إسرائيلية عبر زرع شبكات تجسس داخل البلاد هدفها ديمومة الفوضى والاضطرابات في بلاد الرافدين.
نهاية عام 2011 كانت نقطة تحول في التأريخ السياسي العراقي، فقد شهد انسحاب القوات الأمريكية من الأراضي العراقية، واتجهت التجربة الديمقراطية الى النجاح بشكل كبير، لكن يبدو ان هذا السيناريو لم يرقَ لواشنطن وحلفائها بالمنطقة، لاسيما ما يتعلق بإنشاء دولة قوية أخرى الى جانب الجمهورية الإسلامية، وهو ما يهدد مصالحها في المنطقة، الأمر الذي دفعها الى إعادة ترتيب الأوراق والسعي خلق فوضى جديدة في البلاد، فأنتجت منظمات تدير الصراع في الداخل، انتجت تظاهرات واضطرابات وتمخضت عن ولادة مشروع داعش من صلب اعتصامات المناطق الغربية.
فشل مشروع داعش في العراق، شكل ضربة قاسية لأمريكا، لأنها عوّلت عليه كثيراً في قلب نظام الحكم والاتيان بنظام سياسي يرضخ للإملاءات الأمريكية، مما دفعها الى تحريك جواسيسها داخل البلاد لإثارة الفوضى مجدداً، عبر تظاهرات مدعومة من الكيان الصهيوني والولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية، عرفت لاحقاً بتظاهرات تشرين، إذ تمت إدارة هذه التظاهرات من قبل مجموعة من الجواسيس الإسرائيليين والأمريكان من داخل العراق، لتكشف عن وجود شبكة تجسس دولية تسعى لخلق فوضى مستمرة داخل العراق، وفقاً للرغبة الأمريكية.
المسؤول الأمني للمقاومة الإسلامية كتائب حزب الله، الحاج أبو علي العسكري، وضع النقاط على الحروف، وكشف عن تحركات الجواسيس في العراق، ودورهم في دعم الفوضى، وفقاً للمعلومات التي تم الحصول عليها من خلال احتجاز الإسرائيلية إليزابيث تسوركوف.
وذكر الحاج العسكري في بيان، أنه “سُئلنا كثيراً عن الإسرائيلية (إليزا)، نقول – وبحسب معلوماتنا المؤكدة – إنها ومديرها ايتن نعمة (نوئما)، وفريق من العملاء في العراق، عملوا على ثلاثة محاور، في مقدمتها الاقتتال الشيعي.
وأضاف، ان “المحور الثاني هو إدارة ما يُسمى بـ (التشرينيين) سيئ الصيت، وبعض منظمات المجتمع المدني، وإنشاء علاقات مباشرة، لتمكينهم من الوصول إلى مجلس النواب ومفاصل الدولة، لأنهم يمثلون من منظورهم – مستقبل الكيان الصهيوني في العراق”.
وأشار الحاج العسكري الى ان “المحور الثالث هو إنشاء محافظة آمنة لـ (التشرينيين) غير أربيل، لتأمين وجود بؤرة أخرى لإدارتها وقد جندت هي وفريقها من العراقيين بعض المؤثرين، وفشلت مع آخرين”.
وأوضح المسؤول الأمني للمقاومة الإسلامية كتائب حزب الله، ان “الجهة المحتجزة لـ (إليزا) قامت بإفراغها من كل المعلومات التي بحوزتها، وفككت فريقها، وأصبحت بلا قيمة أمنية”، مضيفاً، بأنها عملت منذ 2006 مع الأجهزة الأمنية الصهيونية، وكذلك مع جبهة تحرير الشام الإجرامية – جماعة الجولاني – في سوريا، وكانت الرابط بينها وبين الكيان الصهيوني، وشكلت جزءاً من برنامج واسع أنشئ عام 2018 لإنتاج وتسويق أحمد الجولاني وإيصاله إلى حكم دمشق”.
يشار الى ان إليزابيث تسوركوف هي جاسوسة إسرائيلية تم احتجازها بالعراق في آذار 2023 أثناء تواجدها في بغداد، وبقيت محتجزة لمدة 903 أيام قبل إطلاق سراحها خلال الشهر الجاري، بعد ضبطها بإدارة شبكة تجسس، تدعم شخصيات متهمة بالإرهاب وإثارة الفوضى داخل العراق.
وحول هذا الموضوع، يقول الخبير الأمني عدنان الكناني لـ”المراقب العراقي”: إن “العملاء والجواسيس في العراق، لهم مهام وكل يعمل بالمهام الموكلة اليه، مشيراً الى ان البعض منهم تم ايصالهم الى السلطة، ويتخابر اليوم على العراق، ولديهم أدوار حسب توجيهات خارجية”.
وأضاف الكناني، ان “هناك أكثر من 28 جهاز مخابرات يعبث بأمن العراق، لديهم واجهات ومحطات وشخوص في العملية السياسية والجهاز التنفيذي، منوهاً الى ان هؤلاء توفر لهم الحماية الخارجية من أمريكا والكيان الصهيوني”.
وتابع، ان “بعض الوجوه السياسية تتكرر منذ 2003 ولغاية يومنا، وهذا يجب ان نتوقف عنده، لأن هؤلاء لديهم ارتباطات مباشرة بالأمريكان، وقد يتم استغلالهم بشكل أو بآخر من قبل السفارة الأمريكية أو حتى جهاز الموساد الموجود في أربيل”.
وأشار الكناني الى ان “ما يسمّى بفريق إشعال النيران موجود داخل الأراضي العراقية ويهدف الى إثارة الفوضى في البلاد، وقد أوصلنا هذه المعلومات الى جميع الجهات، منوهاً الى ان هذا الفريق يعمل تحت الوصاية الأمريكية، ويمتلك أوجهاً عدة وطرقاً للعمل في الداخل”.
ودعا الى تفعيل قانون مكافحة التجسس المعطل من قبل الجواسيس الموجودين في السلطة التشريعية، إضافة الى إقرار قانون الأحزاب، وكشف مصادر تمويلها، لأن أغلب الأحزاب تمويلها من الخارج، وهذا التمويل مشبوه، وبالتالي فأن عدم إقرار هذين القانونين، فلن تصدر قرارات وطنية تقضي على التجسس في البلاد.



