اخر الأخبارالنسخة الرقميةتقارير خاصةسلايدر

الخطط الحكومية تتهاوى أمام نفوذ المتسلطين في هيأة الجمارك

فساد لا تروضه الإصلاحات


المراقب العراقي / أحمد سعدون..
رغم الجهود الحكومية المتكررة لإصلاح منظومة الجمارك، إلا أن الفساد ما زال مستشريًا في هذه المؤسسة الحيوية، التي من المفترض أن تكون أحد أهم روافد الاقتصاد الوطني، لكن وعلى مرِّ السنين، تحولت هيأة الجمارك إلى بوابة واسعة للهدر المالي والابتزاز الإداري، تقف خلفها جهات متنفذة تمتلك من القوة والنفوذ ما يجعلها فوق المحاسبة، ما أدى إلى فشل الإصلاحات الحكومية في إحداث أي تغيير جذري.
الجمارك في أي دولة تمثل خط الدفاع الاقتصادي الأول، كونها مسؤولة عن تنظيم عمليات الاستيراد والتصدير، ومنع دخول المواد الممنوعة، وضمان تحصيل الرسوم الجمركية لصالح الخزينة العامة، إلا أن ما يجري في هيأة الجمارك في العديد من المنافذ الحدودية بات يخرج عن الأطر القانونية والإدارية، حيث أصبحت هذه المنافذ تدار من قبل جماعات متنفذة، تتقاسم العائدات، وتفرض سلطتها على الموظفين، وتتحكم في مسار البضائع.
حيث تشير تقارير رقابية إلى انتشار واسع للرِّشا، والتلاعب في التصاريح الجمركية، وتخفيض مبالغ الرسوم مقابل عمولات، وإدخال بضائع مخالفة للمواصفات من دون رقابة حقيقية، كما يتم تعطيل الإجراءات الجمركية عمدًا في بعض الأحيان، لإجبار التجار على دفع مبالغ إضافية لتسريع معاملاتهم.
وبين مراقبون أنه منذ سنوات، تعلن الحكومة عن خطط لإصلاح عمل الجمارك، من خلال اعتماد الأتمتة الإلكترونية، وتشديد الرقابة، وتحديث البنية الإدارية، ورفع مستوى الشفافية، إلا أن معظم هذه المحاولات باءت بالفشل، بسبب مقاومة التغيير من قبل المستفيدين من الوضع القائم، وتهديد كل من يحاول الوقوف بوجه الفساد، بل إن بعض الموظفين الذين أبلغوا عن مخالفات تعرضوا للتهديد أو النقل القسري.
وأشار المراقبون الى أن الخسائر الاقتصادية المترتبة على هذا الملف أدت الى انخفاض إيرادات الدولة بسبب تسرب الأموال إلى جيوب الفاسدين مع دخول بضائع رديئة وغير صالحة للاستخدام، تؤثر على صحة المواطنين وسلامة السوق، بالإضافة الى فقدان الثقة بالمؤسسات الرسمية ومع إضعاف بيئة الاستثمار نتيجة غياب العدالة والشفافية في الإجراءات، هذه الملاحظات تم تدوينها وفقاً لآخر إحصائيات عالمية بينت تخلف العراق عن جذب الاستثمارات الأجنبية.
وحول هذا الموضوع أكد المهتم بالشأن الاقتصادي ضياء الشريفي في حديث لـ”المراقب العراقي” ، أن “العلاقات الشخصية لبعض المتنفذين في مؤسسات الدولة لا تزال تُستخدم كوسيلة للتهرب من دفع الرسوم الجمركية أو التلاعب بقيمها، ما يعمق من أزمة الفساد في هذا القطاع الحيوي.”
ودعا الشريفي الى “تشكيل لجان مستقلة وشفافة لمراقبة المنافذ الجمركية بعيدًا عن التأثيرات السياسية”، كما أكد “ضرورة تفعيل الأتمتة الكاملة في كل مراحل العمل الجمركي لمنع التلاعب اليدوي”.
وشدد الشريفي على “أهمية فرض عقوبات صارمة على الجهات أو الأفراد المتورطين في التلاعب أو الحماية السياسية للفساد، بالإضافة الى إقرار قوانين تضمن حماية المبلغين عن الفساد وتمنع استهدافهم”.
كما طالب الشريفي بـ “تغيير القيادات الأمنية بالإضافة الى مديري الهيئات الجمركية المرتبطة بجهات متنفذة بشكل دوري وشفاف ، والتشديد على تفعيل الكاميرات الرقابية في المنافذ وإخضاعها لجهات مستقلة مرتبطة بهيأة النزاهة او ديوان الرقابة المالية”.
ولفت الى أن “فساد هيأة الجمارك لا يمكن فصله عن طبيعة الصراع على النفوذ في الدولة، حيث تقف الجهات المتنفذة حائلًا أمام أي إصلاح حقيقي، ما لم يتم تفكيك هذه المنظومة المحصنة بالقوة السياسية، وإلا ستبقى كل مشاريع الإصلاح مجرد شعارات، ويستمر المواطن بدفع الثمن اقتصاديًا”.
وكان تقرير مشترك صادر عن هيأة النزاهة وديوان الرقابة المالية قد كشف في وقت سابق عن خسائر مالية جسيمة تتكبدها البلاد نتيجة الفساد المستمر في المنافذ الحدودية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى