التشكيلي صلاح هادي يرسم الواقع العراقي بحرارة اللون وثراء الرمز

المراقب العراقي/ المحرر الثقافي…
ترى الناقدة والفنانة التشكيلية أميرة ناجي أن الفنان الدكتور صلاح هادي صاحب تجربة كبيرة وناضجة، وهو يستطيع من خلال لوحاته أن يرينا تعقيدات عالم يفيض بالحركة والرموز والإيحاءات التي تفتح آفاقاً متعددة للتأمل، لكنه ومن خلال لمحة بسيطة، يكسر جمود المشهد ويعيده إلى واقعه اليومي المعتاد، فضلا عن قدرته على إظهار اللون كقصيدة والرمز كلغة تأملات .
وقالت ناجي في قراءة نقدية خصت بها ” المراقب العراقي”:”في فضاء التشكيل العراقي يطلّ علينا الفنان الدكتور صلاح هادي بلوحةٍ آسرة تجمع بين حرارة اللون وثراء الرمز لتقدّم نصاً بصرياً متكاملاً يعبر عن تجربة ناضجة ووعي جمالي عميق، عند النظرة الأولى يبدو المشهد بسيطاً” طاولة دائرية وكرسي و قنينة ماء كتاب وثمرة، نباتات تحيط بالمكان” لكن سرعان ما يدرك المتلقي أنه أمام عالم أكثر تعقيداً عالم يفيض بالحركة والرموز والإيحاءات التي تفتح آفاقاً متعددة للتأمل”.
وأضافت:إن” الكرسي الأصفر الموجود في اللوحة لا يظهر مجرد قطعة أثاث بل يلمع وكأنه مشبع بالضوء الداخلي كرمز للحضور والغياب في آنٍ واحد لطاولة بما عليها من كتاب وثمرة وآلة عود صغيرة توحي بعلاقة الإنسان بالثقافة والجمال والذاكرة وفي زاوية اللوحة تطل القطة السوداء التي تكسر جمود المشهد وتعيده إلى واقعه اليومي بينما ترتفع النباتات والزهور نحو فضاء مفتوح كأنها إعلان دائم عن ديمومة الحياة وتجدّد الأمل”.
وأوضحت :”أما على مستوى اللون فإن الفنان يوظّف بانوراما غنية من الأصفر والبنفسجي والأزرق والأخضر ليخلق إيقاعاً بصرياً أقرب إلى المقطوعة الموسيقية كل لون هنا له وظيفته التعبيرية الأصفر يضيء والأزرق يهدّئ والبنفسجي يضيف غموضاً والأحمر يثير دفء الحياة ومع ضربات الفرشاة الحرة والحيوية تتوزع العناصر في توازن محسوب يجعل العين تنتقل بين أرجاء اللوحة دون أن تفقد بوصلة القراءة البصرية”.
وأشارت الى أن” العمل يكشف عن رؤية فلسفية تتجاوز الطابع التشكيلي المباشر، فهو يضع المتلقي أمام أسئلة الوجود والانتظار والعلاقة بين الإنسان ومحيطه ويذكّره بأن التفاصيل الصغيرة – كتاب على طاولة زهرة في الأصيص، قطة تترقب – يمكن أن تختزن في داخلها عوالم واسعة من المعنى”.
وبينت:” أن اللوحة تزخر بالتفاصيل مما قد يمنح انطباعاً بالازدحام أحياناً وأن هذا الازدحام ذاته يترجم رؤية الفنان لعالم نابض مكتظ بالحياة لا يعرف الصمت التام وربما كان هذا خياراً جمالياً واعياً ليترك الباب مفتوحاً أمام تعدد القراءات”.
وواصلت :إن” ما يميز هذه التجربة أن الدكتور صلاح هادي لا يرسم الأشياء لذاتها بل لما تحمله من حمولة رمزية وروحية ليمنح المشاهد فرصة الدخول في حوار داخلي مع العمل. وهنا تكمن قوة الفن أن يحوّل المألوف إلى مشهد استثنائي واليومي إلى نص مفتوح على التأمل والجمال”.
وأكملت “وبهذا العمل يواصل الفنان صلاح هادي تعزيز مكانته كأحد الأسماء البارزة في المشهد التشكيلي العراقي المعاصر مقدّماً رؤية تجمع بين المهارة التقنية والعمق الفلسفي وبين البساطة البصرية والثراء الدلالي في لوحة تستحق أن تُقرأ لا بالعين فقط بل بالروح أيضا”.



