من حفنة طين.. شاب يصنع فناً يحكي بلا كلام

في الزوايا الصامتة، يقف النحات ضياء الخزعلي، كمن يهمس للطين، ليوقظه من جموده، هو لا ينحت تماثيل فحسب، بل ينقش أحلاماً على شكل ملامح، ويمنح الطين صوتًا يشبه القصيدة.
منذ أن تخرج في معهد الفنون الجميلة ببغداد، حمل الخزعلي في قلبه، حلماً مؤجلاً، ظل كامناً حتى عام 2018، حين قرر أن يمنحه الهواء والنور، ومنذ تلك اللحظة، بدأ مشواره بخطى ثابتة، مغموسة بالشغف، ومحاطة بالتحديات.
أولى محاولاته كانت متواضعة، مجرد رأس بسيط صنعه دون دراية بالتشريح، لكنه لم يستسلم، بحث، قرأ، راقب أعمال النحاتين العالميين، وتعلّم كيف تبنى النسب وتفهم الكتلة، هكذا بدأ طريقه الحقيقي نحو النحت، ليس كحرفة بل كحياة.
ورغم أن عدد أعماله لا يعد، فإن كل واحدة منها تحمل بصمة حلم، أو إحساسًا أراد أن يترجمه إلى شكل.
ويؤمن ضياء بأن الفن ليس لحظة إلهام عابرة، بل معركة يومية مع الطين والمعادن والروح.
أما أصعب فصول هذه المعركة، فليست البداية كما يتصور البعض، بل ما يسبق اللمسة الأخيرة، إعداد القوالب، التعامل مع الخامات، الانهاك الجسدي، والقلق الدائم من كسر غير محسوب، إنها لحظات صراع، لكنها أيضًا لحظات ولادة.
حلم ضياء المقبل لا يقل شاعرية عما يصنعه، معرض فني يزاوج فيه بين منحوتاته وكلمات الشاعر الراحل عريان السيد خلف، ليخلق حوارًا فنيًا بين قسوة الطين ورقة القصيدة، بين ما يلمس وما يحس.
ضياء الخزعلي لا يصنع تماثيل، إنه يكتب الشعر بمنحوتاته، ويؤمن أن الطين حين ينطق، لا يقول إلا الحقيقة.



