استهداف الدوحة يوقظ بغداد من وهم التحالفات الغادرة مع واشنطن

حماية أمريكية على الورق
المراقب العراقي/ سداد الخفاجي..
مع تصاعد الاضطرابات في الشرق الأوسط، نتيجة الانتهاكات المتواصلة للكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية ضد دول المنطقة، بات من المتوقع ان يتم استهداف أية دولة تعارض السياسات الغربية بغض النظر عن علاقاتها مع واشنطن، الأمر الذي يتطلب من هذه البلدان، إعادة النظر في علاقاتها مع الغرب، ومراجعة سياستها تُجاه دول المنطقة، بالإضافة الى إعادة النظر في الاتفاقيات التي أبرمتها مع واشنطن والتي تعتبر واحدة من أكثر القيود التي تكبّل إرادة الدول، وتبيح لدول الاستكبار، التحكم بإرادة الشعوب وتنفيذ عدوان في أية نقطة ترى فيها خطورة على مصالحها.
خارطة الشرق الأوسط الجديد التي تريد أمريكا رسمها في المنطقة، تعتمد هذه المرة على المصالح فقط، ولا توجد دول مقربة أو صديقة لواشنطن، فالجميع معرضون للاستهداف، في حال تعرّض المصالح الأمريكية أو الصهيونية الى الخطر، وهو ما أكده الرئيس الأمريكي ترامب، أكثر من مرة، بأنه لا يوجد أصدقاء لأمريكا في الشرق الأوسط، بل توجد اتفاقيات مبينة على المصالح، ما يعني أن أية محاولة لإلحاق الضرر بمصالح واشنطن في المنطقة تتغير المعادلات، وما حدث أمس الأول من قصف صهيوني بالدوحة والتي تعتبر من أوائل الدول التي تبنت تنفيذ المشاريع الغربية في المنطقة هي رسالة بأن قواعد اللعبة بالمنطقة تغيرت والجميع تحت التهديد.
وعلى مدى السنوات الماضية، أبرمت الحكومات العراقية، الكثير من الاتفاقيات الأمنية مع واشنطن والتي قد تستخدم بنودها يوماً ما ضد البلاد، خاصة وان العراق من بلدان محور المقاومة، وأغلب الأطراف الوطنية فيه ترفض الوجود الأجنبي سيما الأمريكي، لذا أن الطبقة السياسية اليوم أمام مسؤولية وطنية لإعادة النظر في الاتفاقيات مع واشنطن وتحصين البلد من الانتهاكات الصهيونية التي تتم برعاية أمريكية.
المقاومة الإسلامية كتائب حزب الله، أدانت في بيان لها، العدوان الذي استهدف الدوحة مؤخراً، مؤكدة أن “الاعتداء الإجرامي الذي أقدم عليه العدو الصهيوني، بمحاولة اغتيال قيادات سياسية من حركة حماس في الدوحة، لا يعبِّر عن الوجه الحقيقي لهذا الكيان فحسب، بل يكشف أيضاً زيف الادعاءات الأمريكية والغربية بشأن ما يُسمّى الحماية الممنوحة لحلفائها في المنطقة، فقد تجلّى بوضوح الدور الأمريكي في رعاية خديعة (التفاوض) التي استُدرجت إليها قيادة حماس السياسية، بهدف تحويلها إلى كمين دموي”.
وأضافت، ان “هذا الاعتداء الغادر يلزم الحكومة العراقية بأن تعيد النظر في مجمل الاتفاقيات المبرمة مع الولايات المتحدة، بدلالة هذه الأعمال الغادرة؛ فقد تبيَّن أنَّ ما يُسمّى بالضمانات الأمريكية المقدَّمة لدول المنطقة، ليس إلا غطاء لفرض الهيمنة، وإدامة السيطرة”.
وأوضحت كتائب حزب الله في بيانها، “لعلَّ أحدث الشواهد هو ما جرى في دولة قطر التي تؤوي على أرضها أكبر قاعدة أمريكية، فإذا بأمريكا نفسها تُسهِم في هتك سيادتها عبر دعمها للكيان الصهيوني باستهداف الفلسطينيين على ترابها، وهو ما يؤكد، أنَّ من يركن إلى وعود أمريكا، إنما يسلّم نفسه طوعاً إلى غدر محقّق وخيانة محتومة”.
ووقّع العراق مع أمريكا خلال السنوات الماضية، مجموعة من الاتفاقيات الأمنية نتج عنها التأكيد على استمرار التعاون الأمني بين البلدين والالتزام بتطوير التعاون الأمني وتعزيز قدرات قوات الأمن العراقية، بحسب ما ورد في بيانات متفرقة لبغداد، فيما يؤكد خبراء في مجال الأمن، أن الكثير من البنود تعطي الحق لواشنطن بالتدخل في شؤون البلاد عسكرياً، وتمهد لبقاء القوات العسكرية على الأراضي العراقية، وهو ما يقوض جهود القوى الوطنية الساعية لطرد الاحتلال وانهاء التواجد العسكري الذي بات يهدد أمن واستقرار البلاد.
وحول الموضوع، يقول الخبير الأمني عدنان الكناني لـ”المراقب العراقي”: إن “كل الاتفاقيات التي وقعت مع الجانب الأمريكي منذ عام 2003 ولغاية يومنا هذا، بحاجة الى مراجعة وإعادة تقييم”.
وأضاف الكناني، أن “الاتفاقيات التي وقعت ضمن الدستور الدائم تطبيقها، ملزمة على العراق وسارية حتى بعد عشرات السنين، أو إذا تغيّر النظام السياسي، فتبقى هذه الاتفاقيات سارية المفعول، لأن توقيعها جرى ضمن حكومة ودستور دائم، منوهاً الى ضرورة الحذر من الاتفاقيات السريعة والآنية التي قد تترتب عليها مستقبلاً، تراكمات على العراق”.
وتابع، ان “الكثير من الاتفاقيات وقعت في ظروف ضبابية وضُلل بها الشعب العراقي، والدليل عدم طرحها أمام الرأي العام ومناقشة بنودها، وهو ما يشير الى ان هنالك بعض الأمور الخافية التي تُحرج الجهات التي وقعت هذه الاتفاقيات”.
وأشار الكناني الى انه “على الحكومة والجهات الوطنية كشف جميع الاتفاقيات ومناقشتها، ضمن دائرة وطنية عراقية مغلقة، وبعدها تخرج للتصويت على الشعب العراقي، لتصبح قضية رأي عام”، منوهاً الى أن “الجهات التي وقعت هذه الاتفاقيات ربما تفتقر الى العقلية الأمنية الواضحة أو قد وافقت تحت الضغوط”.



