المدارس المتلكئة.. فساد “خفي” يؤجل الخروج من شرنقة الدوام المزدوج

سيناريو يتكرر في كل موسم
المراقب العراقي/ يونس جلوب العراف…
لا يمكن الحديث عن تقدم العملية التدريسية أو عن كل الإصلاحات والحلول في وزارة التربية، ما لم تتوفر الأرضية المناسبة بشكل عام، وأبرزها الأبنية المدرسية، فالازدياد السكاني وعدم تحديث وبناء الأبنية المدرسية في السنوات ما بين 2012 و2020 كان وراء تفاقم مشكلة المدارس المتلكئة، إذ إن التلاميذ الجُدد الذين يلتحقون بالصفوف الأولى لمقاعد الدراسة في كل عام يقترب أو يزيد قليلاً على المليون، ويحدث هذا الأمر بشكل متكرر في ظل الحاجة الملحة للأبنية المدرسية، ففي المنطقة التي كانت تتطلب وجود مدرسة إعدادية واحدة، مثلًا، تحتاج اليوم الى ثلاث مدارس، وهو أمر يصعّب عملية التشافي من وضع الدوام المزدوج .
وفي المقابل، وعلى الرغم من إعلان وزارة التربية عن بناء وترميم بعض المدارس، إلا إن الحاجة للأبنية الجديدة مازالت قائمة لتفادي النقص الكبير في عدد المدارس، عقب الاضطرار إلى اعتماد نظام دوام مزدوج فيها، وعدم تجهيزها بمستلزمات الكتب والمقاعد وغيرها، فضلا عن قضية التلكؤ الذي عرقل استلام العديد من الأبنية، وهو ما اضطر الكثير من الأهالي إلى الشكوى من هذا الموضوع الذي يحتاج الى وقفة جادة لتجاوزها في الوقت المناسب.
وقال المهندس ضرغام موسى، ان “المطلع على الشأن المحلي يعرف، ان الكثير من التقارير الصادرة عن البرلمان وهيأة النزاهة، تشير إلى وجود أكثر من 6 آلاف مشروع متلكئ، أغلبها لم ينفذ سوى على الورق، فيما القسم الأكبر منها لم تتجاوز نسب الانجاز فيه الثلث، وان أكثر تلك المشاريع هي للأبنية المدرسية”.
وأضاف، ان “حديث الحكومة وعلى لسان رئيسها عن تلكؤ مشروع إنشاء نحو 2000 مدرسة لأكثر من 10 سنوات في انحاء العراق كافة، يمثل كارثة بالمعنى الحقيقي ويجب العمل على انهائها بشكل فوري، لأنها خسارة بمختلف المعايير الهندسية والمالية والاقتصادية، فهذه المدة الطويلة كانت كفيلة بإنجاز هذه المدارس على أكمل وجه”.
ومن جهته، أشار المشرف التربوي سمير ماضي، الى ان “مشروع وزارة التربية للأبنية المدرسية رقم (1) الذي يتضمن إنشاء 1751 مدرسة في عموم أنحاء العراق، هو أهم مشاريع الحكومة العراقية في هذا المجال، ولكن هناك العديد من المشاكل التي مازالت موجودة فيه”.
وأضاف: ان “هناك الكثير من العقبات والتحديات التي تواجه الإنجاز أهمها الشركات المتلكئة، لذلك على جميع الجهات المعنية الحكومية، وممثلي شركات القطاع الخاص، الذين بعهدتهم مشاريع للأبنية المدرسية، العمل على اكمال تلك الأبنية المدرسية التي مازالت قيد الإنجاز في أقرب وقت ممكن”.
وشدد على ضرورة سحب رخصة الشركات المتلكئة التي تسلمت الأبنية المدرسية منذ مدة طويلة، فالكثير من المدارس الواقعة في مناطق الأطراف وغيرها في العاصمة لم تكتمل، دون ان توضح هذه الشركات أسباب ذلك التلكؤ، كما لم تعلن الجهات المشرفة عن هذه المشاريع، أي عذر واضح تُجاه ما يحدث، وهو ما يشير الى وجود عمليات فساد اداري ومالي.



