اخر الأخبارالنسخة الرقميةتقارير خاصةسلايدر

تكرار تأخير الرواتب يثير قلق الموظفين وينذر بأزمة اقتصادية مقبلة

موقف مالي حرج رغم التطمينات الحكومية


المراقب العراقي/ أحمد سعدون..
شهد العراق في الأشهر الأخيرة، تأخراً متكرراً في صرف رواتب موظفي القطاع العام، الأمر الذي يثير موجة من الغضب والاستياء الشعبي، ويضع الموظفين في موقف مالي حرج، يؤثر سلباً على حياتهم اليومية، ورغم الوعود الحكومية المتكررة بحل هذه الأزمة، إلا أن المشكلة لا تزال مستمرة، مما يطرح تساؤلات جدية حول أسبابها والتدابير الممكنة لتفاديها مستقبلاً.
وفي ظل التطمينات الحكومية، مازال أكثر من 4 ملايين موظف يعيشون حالة من القلق وعدم الاستقرار، وسط تحذيرات اقتصادية بان الخزينة المالية على حافة الانهيار وهناك نقص في السيولة المالية، نتيجة للصرف العشوائي، بالإضافة الى تخمة التعيينات الحكومية، رغم تحذيرات خبراء الاقتصاد بانعكاساتها السلبية على ميزانية الدولة، حيث شهدت مؤخرا، تعيينات بالآلاف عن طريق مجلس الخدمة الاتحادية، في ظل أعداد الموظفين المتخمة داخل الوزارات، بالإضافة الى الاسراف الحكومي على مشاريع غير مهمة، وليست فيها جدوى اقتصادية أو مردود مالي يعود الى خزينة الدولة .
مراقبون أكدوا، إن استمرار تأخر صرف الرواتب يشكل تحدياً كبيراً أمام الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في العراق، مشددين على الجهات المعنية، اتخاذ خطوات جادة لمعالجة جذور المشكلة، بدءًا من تحسين إدارة الموارد المالية، وانتهاءً بوضع جدول زمني واضح وشفاف لصرف الرواتب، مبينين، ان كرامة المواطن وأمنه المعيشي يجب أن يكونا أولوية لا تقبل التأجيل.
ولفت المراقبون الى ان الاعتماد الريعي على الواردات النفطية في تمويل الرواتب وتفعيل المشاريع الخدمية صار أمراً مقلقاً في ظل تأثر أسعار النفط بتقلبات السوق العالمية، كما ان سطوة الفيدرالي الأمريكي على الواردات العراقية لها دور سلبي في اضعاف قطاع الاقتصاد العراقي، من أجل غايات سياسية تحاول واشنطن ممارستها، للهيمنة على الدول التي ترفض الخنوع لسياستها .
فيما شدد خبراء الاقتصاد على ضرورة تنويع المصادر غير النفطية، وتفعيل النشاط الصناعي والزراعي للبلاد، بالإضافة الى تفعيل المؤسسات المحلية مثل الضريبة والمنافذ والاستفادة من وارداتها، لدعم خزينة الدولة، كما أكدوا أهمية محاربة الفساد من خلال تفعيل الدور الرقابي في مؤسسات الدولة، لمنع هدر ثروات البلاد المالية.
وفي الشأن نفسه، يرى الخبير الاقتصادي ناصر الكناني في حديث لـ”المراقب العراقي”، أن “تأخير صرف رواتب الموظفين، يرجع إلى أسباب تنظيمية داخلية، تتعلق بإدارة السيولة المالية”.
وقال الكناني: إن “توفير الدينار أصبح أكثر صعوبة خلال المدة الأخيرة، نتيجة سوء التخطيط، ما يؤدي إلى تأخير صرف الرواتب، رغم توفر الموارد اللازمة”، مشيرا إلى أن “استمرار هذه الإشكالات قد يؤدي إلى تجاوز المدد المحددة للصرف مستقبلاً، إذا لم يتم اتخاذ إجراءات تنظيمية فعالة”، فيما أكد، أن الحلول تتطلب تحسين إدارة القنوات المالية، لتجنب تكرار هذه التأخيرات، ولاسيما أن الوضع الحالي يعكس أزمة تنظيمية أكثر من كونه عجزاً مالياً”.
وأضاف الكناني، ان “هناك إيرادات غير نفطية تقارب “40 مليار دولار” سنوياً، لا تدخل الى خزينة الدولة، لافتا الى ان “أغلب دوائر الدولة لديها إيرادات منها مبيعات البنزين، حيث يتوفر لدى العراق ما يقارب 10 ملايين سيارة، إذا فرضنا ان لكل سيارة يتم تزويدها بعشرة لترات من البنزين، سيتم صرف ما يقارب 100 مليون لتر يوميا، أي ما يعادل واردات بقيمة 85 مليون دينار يومياً، أي بالسنة تبلغ 31 تريليون دينار عراقي، ناهيك عن مشتقات النفط الأسود والأبيض، بالإضافة الى إيرادات وزارات أخرى كوزارة العدل لديها أربع دوائر فيها ورادات مالية، كالتسجيل العقاري وكتاب العدل، بالإضافة الى دوائر أخرى”.
فيما حذّر الكناني، من أن “العام المقبل قد يشهد تقليصاً في الرواتب وليس تأخيرها فقط، وذلك وفق المتغيرات الدولية التي جعلت العراق على حافة الهاوية، نتيجة لرهن موازنته على سعر برميل النفط”، لافتا الى ان “هاجس الخوف والقلق سيبقى مهيمناً على المواطن العراقي، ما لم يتم تنويع وارداته الاقتصادية والابتعاد عن النفط كمصدر رئيسٍ لتمويل الرواتب”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى