سهام التجاوزات تهاجم معسكر الحشد الشعبي والحكومة ترفع الراية البيضاء

السفارتان الأمريكية والبريطانية تحفران خندق العداء
المراقب العراقي/ سداد الخفاجي..
تتواصل الضغوط الغربية في المنطقة، ضد محور المقاومة الإسلامية، بعد فشلها في تحقيق أهدافها عسكرياً، وعجزها عن المواجهة المباشرة، خاصة بعد ان أظهرت جبهات المقاومة، تقدماً عسكرياً غير مسبوق، اجبرت أمريكا والكيان الصهيوني على إعادة حساباتهما في المنطقة، سيما وان مصالحهما باتت تحت تهديد صواريخ ومُسيّرات المحور، لذا لجأت دول الاستكبار الى سياسة الضغط الاقتصادي والاجتماعي، ودعم الحكومات المؤيدة لمشروعها بالشرق الأوسط.
في العراق لم تتوقف الضغوط على المستوى الأمريكي فقط، فبعد ان دعت سفارة واشنطن ووزير الخارجية والمبعوث الأمريكي الى عدم تمرير قانون الحشد الشعبي، جاء السفير البريطاني في العراق، ليخرج بتصريح تجاوز فيه سياقات العمل الدبلوماسي، داعياً الى حل الحشد الشعبي بحجة انتفاء الحاجة من وجوده، وسط صمت حكومي غير مبرر، وغياب تام لدور وزارة الخارجية العراقية.
الحكومة العراقية متمثلة برئاسة الوزراء ووزارة الخارجية، أبدتا حالة من الصمت “مريبة”، إذ لم تصدر عنهما أية ردة فعل على تدخلات السفارتين الأمريكية والبريطانية في الشأن العراقي، وخصوصاً فيما يتعلق بقانون الحشد الشعبي، وكأن بغداد مؤيدة للتوجهات الغربية في المنطقة المتعلقة بنزع سلاح الحشد الشعبي، الذي يعتبره العراقيون صمام الأمان بالنسبة لهم، بعد أحداث داعش وسقوط المدن العراقية بيد العصابات الاجرامية عام 2014.
وبحسب مصادر محلية مطلعة، فأن واشنطن تمارس ضغوطاً كبيرة على حكومة بغداد بشأن الحشد الشعبي، وحركت في هذا الصدد أطرافاً داخلية وخارجية، من بينها كتل سياسية سُنية وكردية لدفع السوداني على قبول الاملاءات الأمريكية بشأن الحشد الشعبي، مقابل تطمينات ودعم للكتل المؤيدة في الانتخابات التشريعية المقبلة والمقرر اجراؤها نهاية العام الجاري، وبيانات الحكومة الأخيرة، اثبتت الانصياع الحكومي لتلك التوجيهات.
وحول هذا الموضوع، يقول المحلل السياسي صباح العكيلي لـ”المراقب العراقي”: إن “دور وزارة الخارجية العراقية السلبي مشخص منذ سنوات، فدائماً ما يكون موقفها من القضايا الوطنية مخالفاً لإرادة العراقيين”.
وأضاف العكيلي، أن “الرأي العام العراقي رفض وأدان التدخلات الأمريكية والبريطانية في العراق، والحكومة متمثلة بوزارة الخارجية لم تنطق بكلمة واحدة، ولا حتى رئاسة الوزراء أصدرت على الأقل بياناً توضح فيه التدخلات الأمريكية والبريطانية”.
وتابع، ان “السفارتين الأمريكية والبريطانية تجاوزتا حدود عملهما في العراق، وأصبحتا تمارسان دوراً سلبياً، وتتدخلان بشكل مباشر في قضايا حساسة داخل العراق، وبالتالي يجب ان يكون للعراق موقف إزاء هذه التدخلات المتواصلة”.
وأشار العكيلي الى ان “حديث السفير البريطاني عرفان صديق عن الحشد الشعبي يفتقر الى الدقة والموضوعية، لأن الحشد الشعبي مؤسسة حكومية رسمية أمنية مصادق عليها من قبل البرلمان العراقي”، مبيناً: ان “هناك توجهاً أمريكياً مدعوماً من بريطانيا، للعمل ضد المقاومة الإسلامية في العراق”.
وأوضح، انه “يجب على وزير الخارجية، ان يكون له موقف من هذه التدخلات، وإلا فما الداعي من وجود هذه الوزارة التي لا يكون لها موقف من القضايا التي تمس سيادة وأمن البلاد”.
وطيلة السنوات الماضية، اتسمت مواقف وزارة الخارجية العراقية التي كانت ومازالت من حصة الأكراد في الحكومات المتعاقبة، بالانتقائية والخجولة، فهي تعمل بوجهة نظر أربيل وليس بغداد، فقبل أيام أصدرت وزير الخارجية، بيانات متتالية بشأن المسيرات التي استهدفت الحقول النفطية، والتي تبين ان مصدر الكثير منها انطلق من أربيل، بينما صمت فؤاد حسين عن الهجمات الأمريكية والبريطانية على الحشد الشعبي والتصريحات الداعية لحله.
وشهدت السفارة الأمريكية خلال الأيام الماضية، حراكاً ولقاءات مع شخصيات عراقية، وان جميع هذه الاجتماعات تطرقت لقانون الحشد الشعبي وخطورته على أمن واستقرار البلاد، بحسب ادعائهم، الأمر الذي اعتبره مراقبون بأنه رسائل تهديد مبطنة من قبل واشنطن للكتل السياسية المؤيدة للقانون، الأمر الذي وضعها أمام تحدٍ وطني وتأريخي.
وأمام هذه التطورات والتحديات يجب ان تأخذ الجهات الوطنية دورها في مواجهة المشاريع الأمريكية والشروع في إقرار القوانين التي تخص الحشد الشعبي، خاصة وان الكتل الشيعية تمتلك الأغلبية في البرلمان والتي تمكنها من تمريره، وهذا يعتمد على وحدة قرار الكتل الشيعية، بحسب ما يراه مراقبون.



