تغيير جنس الأراضي يفاقم التلوث ويقضي على المساحات الخضراء

الطقس عرضة للغبار والتدهور البيئي
المراقب العراقي/ أحمد سعدون..
تعد المساحات الخضراء، حاجة ضرورية وملحة في ظل تعرّض البلاد لتداعيات ظاهرة التغيّر المناخي، حيث تصنف البلاد في المركز الخامس بين دول العالم من حيث التأثر بتلك الظاهرة، وفق تقارير عالمية.
وخلال السنوات الأخيرة، تقلصت المساحات الخضراء في العراق بشكل كبير، نتيجة التقصير في إدامتها والتجاوز عليها من الجهات الحكومية والمواطنين عبر تجريفها وتحويلها إلى أراضٍ سكنية وتجارية، مما ساعد ذلك القرارات الحكومية الأخيرة من خلال تحويل جنس الأراضي من زراعي الى سكني وسط العاصمة بغداد وبقية المحافظات.
ووفقا لاختصاصيين في المجالين الزراعي والبيئي، فإن المساحات الخضراء تعتبر حاجة ملحة وليست ترفاً في العراق وخصوصا في السنوات الأخيرة التي أصبح العراق فيها عرضة للعواصف الترابية المتزايدة وارتفاع نسبة التلوث، نتيجة لأعداد السيارات المتزايدة، بالإضافة الى توسع مولدات الكهرباء وانتشار معامل الطابوق والكور الصناعية بشكل عشوائي غير قانوني، كما ان الزحف العشوائي من قبل المواطنين على الأراضي الزراعية، ساهم في تقليص المساحات الخضراء الى حد كبير داخل المدن وخارجها بسبب أزمة السكن وغلاء أسعار العقار، ما انعكس سلباً على البيئة وساهم في زيادة تلوث الهواء والتغير المناخي، في وقت تشهد فيه البلاد، درجات حرارة تصل إلى أكثر من 50 مئوية، ما يهدد بتنامي ظاهرة التصحر بشكل كبير خلال الفترة المقبلة.
وأكدت وزارة الزراعة حسب بياناتها، أن البلاد بحاجة إلى زراعة أكثر من 15 مليار شجرة، لتأمين غطاء نباتي يقضي على التصحر، مبينة أن إعادة إحياء وتأهيل الغابات وزراعة المساحات بهذه الأعداد من الأشجار، يمكن أن يعيد جزءاً من الهواء النقي إلى الأجواء العراقية، بعد تلوثها بانبعاثات الصناعات النفطية وعوادم المولدات والمصانع وغيرها.
وفي السياق نفسه، أكدت منظمة الأغذية والزراعة (فاو) التابعة للأمم المتحدة، ان مساحات الغابات في العراق لم تعد تشكل سوى 8250 كيلومتراً مربعاً، أي ما نسبته 2 في المائة من إجمالي مساحة البلاد، لافتة الى أن المساحات الخضراء في البلاد تقلصت إلى 17 في المائة، بعد أن كانت تبلغ نحو 50 في المائة، وذلك بسبب التغيرات المناخية وشح المياه وعدم اهتمام المواطنين بالزراعة، إلى جانب التقصير الحكومي في إدامة المساحات الخضراء وزيادتها، مشددة على ضرورة المباشرة بمشاريع المساحات الخضراء، لان مستقبل العراق مرعب نتيجة للتغيرات المناخية خاصة مع ارتفاع درجة الحرارة هذا الصيف، والذي بدوره انعكس سلباً على حياة المواطنين الصحية والبيئية .
وحول هذا الموضوع، انتقد المهتم بالشأن الاقتصادي والبيئي ضياء الشريفي في حديث لـ”المراقب العراقي”، قرارات مجلس الوزراء الأخيرة في تحويل جنس الأراضي من زراعية الى سكنية، عاداً إياها قرارات انتخابية وليست قرارات خدمية، على حد تعبيره.
وقال الشريفي: ان “جميع الحكومات المتعاقبة والحالية، تفتقر الى خطط ودراسة استراتيجية تهتم بالشأن البيئي والعمراني للبلد، بالإضافة الى تغييب دور وزارة التخطيط في رسم المسار الصحيح للبناء والاعمار، على وفق خرائط وبيانات دقيقة تعتمدها جميع دول العالم”.
وأضاف الشريفي، ان “عمل أمانة بغداد الأخير تحت شعار “بغداد أجمل” قضى على جميع الأشجار والحدائق العامة التي كان من المفترض الاهتمام بها وتطويرها، بدلا من تحويلها الى جسور وأرصفة وجزرات وسطية ليس لها أي دور في تحسين الواقع البيئي، مشدداً على ضرورة توسيع المساحات الخضراء من خلال زيادة الحدائق العامة والمشاتل الزراعية، بالإضافة الى تشكيل حزام أخضر يحيط بجميع المحافظات، للتخلص من ظاهرة العواصف الترابية، أسوة بباقي الدول المجاورة والعالم”.
ويواصل اختصاصيون في المجالين الزراعي والبيئي ومواطنون، مطالبة الحكومة ووزارة الزراعة والدوائر المعنية، بالاهتمام بالتشجير وزيادة المساحات الخضراء واستحداث غابات جديدة، فضلاً عن دعم المبادرات الأهلية في هذا الخصوص.



