قاذفات القنابل.. تطور تكنولوجي يغير معادلات الحروب

يوماً بعد يوم تتطور الصناعات الحربية والعسكرية، إذ شهدت تغيراً استراتيجياً كبيراً وتم التخلي عن الاسلحة التقليدية واستبدالها بأخرى، الامر الذي أدى الى تغيير نمط الحروب والمعارك بشكل جذري.
فلم تعد القاذفات الحديثة مجرد “شاحنات ضخمة” لإلقاء القنابل، بل تحولت إلى آلات متقدمة بعيدة المدى قادرة على إصابة أهدافها بدقة عالية حتى في عمق أراضي العدو، مع المحافظة على التخفي عن أنظمة الرادار، فالقاذفات الأكثر تطورًا في عالم اليوم صُممت بأشكال فريدة، واستُخدمت في صناعتها مواد تمتص موجات الرادار، إضافة إلى تقليل البصمة الحرارية، مما يُصعِّب اكتشافها من قبل أنظمة الدفاع الجوي المتطورة.
وهناك قاذفت استراتيجية فاقت مثيلاتها في القدرات الحربية ومنها:
توبوليف TU-22M3M: تُعد هذه القاذفة نسخة مطورة من طائرة الحقبة السوفيتية TU-22M3 الشهيرة المعروفة باسم “باكفاير Backfire”، وهي قاذفة استراتيجية وبحرية طويلة المدى طورتها شركة توبوليف الروسية. تهدف عملية التحديث إلى إطالة عمر الأسطول الحالي وتحسين قدراته القتالية.
من أبرز التحسينات إعادة تفعيل ميزة التزود بالوقود جوًا، والتي كانت معطلة في السابق التزامًا بمعاهدات الحد من التسلح مثل “سالت 2”. وتتميز هذه القاذفة بجناحين قابلين لتغيير زاوية الانسياب، وتُستخدم في مهام طويلة المدى، قادرة على حمل ذخائر تقليدية ونووية.
القاذفة الصينية “شيان H-20: تعد H-20 أول قاذفة استراتيجية حقيقية تطورها الصين، وتُحاط تفاصيلها بسرية بالغة. ورغم أن تصميمها الجناحي يُشبه قاذفة B-2 الأمريكية، إلا أنها ليست نسخة مقلدة، بل ثمرة جهود تطوير صينية مستقلة، مع تأثرها بتصاميم غربية.
من المتوقع أن تُزوّد بتقنيات شبحية متقدمة تشمل مواد ماصة للرادار وتصميم يقلل البصمة الرادارية والحرارية والصوتية. وتشير النماذج والصور الترويجية إلى احتمال تزويدها بمداخل هواء ذات حوافَّ مسننة، وربما أسطح خلفية قابلة للتعديل.
روكويل B-1B لانسر: رغم تقدمها في السن، لا تزال قاذفة B-1B لانسر تُعد من أقوى القاذفات بعيدة المدى. فهي تتميز بجناحين قابلين لتغيير الزاوية، يتيحان لها التحليق بسرعات تفوق سرعة الصوت، وحمل كميات ضخمة من الذخائر الدقيقة.
يمكن للجناحين أن يتراجعا إلى الخلف لتحقيق اختراق بسرعات عالية على ارتفاع منخفض، أو أن يمتدا للأمام لتحسين الإقلاع والهبوط والطيران الاقتصادي لمسافات طويلة. تبلغ سرعتها القصوى حوالي 1.25 ماخ على ارتفاعات شاهقة.
وتملك B-1B أكبر حمولة تقليدية ضمن قاذفات القوات الجوية الأمريكية، حيث تستطيع حمل 34 طناً داخليًا ضمن ثلاث حجرات للأسلحة، و23 طناً إضافيًا على ست نقاط تعليق خارجية. ويبلغ عدد الطائرات المشغّلة حاليًا 45 طائرة، متمركزة في قاعدتي دايس في تكساس وإلسوورث في ساوث داكوتا.
توبوليف TU-160M2: النسخة المطورة من القاذفة الأسطورية TU-160، وتُعرف بأنها أكبر وأثقل طائرة قتال في العالم، وأسرع قاذفة تعمل حاليًا. استأنفت روسيا إنتاج هذه القاذفة باستخدام منشآت وتقنيات تصنيع حديثة.
وتُخصص TU-160M2 لحمل أحدث الصواريخ الروسية بعيدة المدى، بما في ذلك KH-101/102 وصواريخ فرط صوتية. وتبلغ حمولتها الداخلية من الأسلحة حتى 40 طناً. وبينما خُطط لإنتاج نحو 50 طائرة، تعرّض البرنامج لصعوبات، ولم يُنتج حتى مطلع 2025 سوى عدد محدود من الهياكل الجديدة المستخرجة من مخزونات الحقبة السوفيتية.
توبوليف باك دا: يُعد مشروع “باك دا” (PAK DA) الروسي طموحًا لإنشاء جيل جديد من القاذفات الاستراتيجية الشبحية، ليحل محل TU-95 العتيقة ويكمل دور TU-160M2.
بخلاف الجيل السابق الذي اعتمد على السرعة، تركز “باك دا” على التخفي والبصمة الرادارية المنخفضة. وتتبنى تصميم الجناح الطائر المشابه للقاذفات الغربية، ما يقلل من انكشافها الراداري.
المركز الثاني: بي-2 “سبيرت: تعتبر قاذفة بي-2 واحدة من أكثر القاذفات الشبحية تطورًا في التأريخ. وتتميز بتصميم الجناح الطائر الذي يمكّنها من التسلل دون كشفها بالرادار، مع قدرة على حمل ذخائر نووية وتقليدية.
رغم تكاليف التشغيل الباهظة، إلا أن دورها الاستراتيجي لا يزال حيويًا. ويُعد شكلها الأكثر تميزًا، حيث تغيب عنها الهياكل التقليدية مثل الذيل العمودي والأفقي، وصمّمت انحناءاتها لتشتيت موجات الرادار.



