Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اخر الأخباراوراق المراقب

التوكل على الله سر الموفقية في الحياة

الشيخ جاسم الأديب..

هناك معطيات مهمة تنعكس على حياة المتوكلين على الله، فمن يتكل على الله يشعر بقوة عظيمة، لأنه يستند على القوة المطلقة التي ليست فوقها قدرة أخرى، منها تذليل الصعاب وهي فائدة كبيرة يطلبها الناس في غير التوكل على الله ولا يجدونها، أما المتوكلون تذلّل لهم الصعاب وتيّسر لهم الأمور.

في خضم مشاكل الحياة وابتلاءاتها المتعدّدة، يجد الإنسان نفسه أمام طريقين لا ثالث لهما: فإمّا أن يلجأ إلى تعالى في حل مشاكله ويستمدّ منه العون في صلاح أموره، أو يخلد إلى الشيطان ويتبع هوى نفسه ويخسر بذلك دنياه، فضلاً عن آخرته.

بالطبع لا تخلو الحياة من الابتلاءات والمحن والفتن، قال تعالى: (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ). وقال عزّ من قائل: (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ).

ولا يخفى أنّ امتحان الله للعباد، له حكم كثيرة منها، ليميز الله الطيّب من الخبيث، قال تعالى: (مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ).

بالطبع موفّقية الإنسان في امتحانات الدنيا وعدم سقوطه في مهاويها يحتاج إلى توفيق من الله، وتوكل من العبد في أموره.

ومن هنا أكد في الإسلام التوكل بشكل كبير، قال تعالى: (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ). وقال تعالى: (وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ).

وقال (صلى الله عليه وآله): لو أن رجلاً توكل على الله بصدق النيّة لاحتاجت إليه الأُمراء فمن دونهم، فكيف يحتاج هو ومولاه الغني الحميد؟.

بل إنّ التوكل من أركان الإيمان وإلى ذلك يشير أمير المؤمنين (عليه السلام) بقوله: “الإيمان له أركان أربعة: التوكل على الله، وتفويض الأمر إلى الله، والرضا بقضاء الله، والتسليم لأمر الله“.

حقيقة التوكل

فسّر رسول الله (صلى الله عليه وآله) التوكل في حديث له سأل فيه جبرئيل عن التوكل، فقال: “وما التوكل على الله عز وجل؟“.

فقال: العلم بأنّ المخلوق لا يضر ولا ينفع ولا يعطي ولا يمنع، واستعمال اليأس من الخلق، فإذا كان العبد كذلك لم يعمل لأحد سوى الله ولم يرجُ ولم يخف سوى الله ولم يطمع في أحد سوى الله، فهذا هو التوكل.

وفي الحديث عن الإمام الصادق (عليه السلام) لما سئل عن حد التوكل، قال: “أن لا تخاف مع الله شيئاً“.

التوكل المنهي عنه

هناك مفهوم خاطئ للتوكل، نهى عنه أهل البيت (عليهم السلام) في أحاديثهم وحذّروا منه، وهو الإتكال وترك الأخذ بالأسباب والمسبّبات، ففي أحد الأيام مرّ أمير المؤمنين (عليه السلام) على قوم، فرآهم أصحاء جالسين في زاوية المسجد، فقال (عليه السلام): من أنتم؟.

قالوا: نحن المتوكلون.

قال (عليه السلام): لا بل أنتم المتأكلة، فان كنتم متوكلين فما بلغ بكم توكلكم؟.

قالوا: إذا وجدنا أكلنا، وإذا فقدنا صبرنا، قال (عليه السلام): هكذا تفعل الكلاب عندنا.

قالوا: فما نفعل؟

قال: كما نفعل.

قالوا: كيف تفعل؟

قال (عليه السلام): إذا وجدنا بذلنا، وإذا فقدنا شكرنا.

وذات يوم رأي رسول الله (صلى الله عليه وآله) قوماً لا يزرعون، قال: ما أنتم؟.

قالوا: نحن المتوكلون، قال: لا بل أنتم المتّكلون.

وعن علي بن عبد العزيز، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): ما فعل عمر بن مسلم؟.

قلت: جعلت فداك أقبل على العبادة وترك التجارة، فقال: ويحه أما علم أن تارك الطلب لا يستجاب له، إن قوماً من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما نزلت: (ومن يتقِ الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب) أغلقوا الأبواب وأقبلوا على العبادة، وقالوا: قد كفينا فبلغ ذلك النبي (صلى الله عليه وآله) فأرسل إليهم، فقال: ما حملكم على ما صنعتم؟

قالوا: يا رسول الله تكفّل لنا بأرزاقنا فأقبلنا على العبادة، فقال: إنه من فعل ذلك لم يستجب له، عليكم بالطلب.

علاوة على ذلك، حذّر في الإسلام عن التوكل على غير الله تعالى، وأنّ من يتكل على الآخرين يكله الله تعالى إليهم، ففي الحديث عن الإمام الجوادعليه السلام“: “من انقطع إلى غير الله وكله الله إليه“.

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يقول الله عزّ وجلّ: ما من مخلوق يعتصم بمخلوق دوني إلا قطعت أسباب السماوات والأرض من دونه (فإن سألني لم أعطه، وإن دعاني لم أجبه، وما من مخلوق يعتصم بي دون خلقي إلا ضمنت السماوات والأرض برزقه)، فإن سألني أعطيته وإن دعاني أجبته، وإن استغفر لي غفرت له.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى