بيشمركة البارزاني ترتكب انتهاكات ضد الأكراد وتعيد مأساة الأنفال

تهجير قسري واعتقالات بالجملة
المراقب العراقي/ سداد الخفاجي..
تشهد محافظة أربيل لليوم الثالث على التوالي، أحداثاً أمنية متصاعدة وصلت الى حد المواجهة المسلحة، بين قوات تابعة للبارزاني وأبناء عشيرة الهركية، على خلفية احتجاجات تتعلق بمطالب اقتصادية ومعيشية انطلقت من قضاء خبات، جوبهت بردة فعل عنيفة من قبل البيشمركة، وسط اعتقالات عشوائية وملاحقات أمنية تصل الى التصفية الجسدية، في مشهد أثار جدلاً بشأن الديمقراطية المزيفة التي تدعيها حكومة أربيل، وسط مخاوف من ارتفاع حالات العنف والجرائم بحق المعارضين للبارزاني.
وتعود جذور التوتر في هذه المنطقة الى خلافات اجتماعية متراكمة بين أفراد عشيرة الهركي وقوات البيشمركة والتي تعتبر الجناح المسلح للبارزاني، نتيجة التهميش الذي يعانيه سكان هذا القضاء، الأمر الذي اضطرهم للخروج بتظاهرات للمطالبة بالحقوق المشروعة، لكن سرعان ما تطورت الى مواجهة مسلحة، بعد قيام البيشمركة بفض الاعتصام بالقوة، وقتل وجرح عدد من الأشخاص، ما دعا أنصار الهركي الى اعلان النفير العام والتحول الى المواجهة المسلحة.
وفي تطور خطير يعكس عمق الأزمة وقلق البارزاني من ان تكون قرية لاجان هي الشرارة التي تنطلق منها الثورة لقلب نظام الحكم في كردستان، أقدمت قوات البارزاني على اعتقال وجهاء القرية ومن ضمنهم شيخ المسجد، وطالبت عبر مكبرات الصوت الأهالي بالخروج قسراً من المدينة، تمهيداً لعملية كبرى لملاحقة أبناء القرية الثائرين، إذ شوهدت طوابير طويلة على طريق “أربيل – خبات” لمواطنين يحملون معهم ما يسد رمقهم بعد ان دفعهم البارزاني للذهاب نحو المجهول.
ويقول المحلل السياسي حيدر عرب الموسوي في حديث لـ”المراقب العراقي”: “اليوم انكشفت الديمقراطية المزيفة في كردستان، والتي لا تؤمن بحرية الانسان، ومن أهمها حرية التظاهر والمطالبة بالحقوق والتعبير عن الآراء، ومن يحاول ان يمنع هذه الحرية، فهو يريد ان يؤسس نظاماً دكتاتورياً بعيداً كل البعد عن الأنظمة التي تحترم حقوق الإنسان”.
وأضاف الموسوي، “وقوع أكثر من ستة قتلى وعشرات الجرحى والمعتقلين، وهذه أعداد كبيرة تتطلب تدخلاً من الحكومة الاتحادية في بغداد، ومنظمات المجتمع الدولي التي صدعت رؤوسنا بحقوق الانسان عندما كانت التظاهرات في الوسط والجنوب”.
وأشار الى ان “الأمر فيه الكثير من الشكوك، فالصمت الداخلي والخارجي ربما يعني ضوءاً أخضر للبارزاني ان يقمع المعارضين والتعدي على حقوق المواطنين”.
وبيّن، ان “المجتمع الدولي يتعامل بمعايير مزدوجة في الكثير من القضايا، ومعياره الأساس هو العلاقة مع واشنطن، وبالتالي فأن قرب الأكراد وعلاقتهم الجيدة مع أمريكا جعلها خارج نطاق الانتقاد، فربما تصدر بيانات خجولة، لكن لا تصل الى مرحلة الضغط ووقف الانتهاكات”.
وأوضح الموسوي، انه “لو كانت هذه الانتهاكات في الجنوب، لما سكتت المنظمات في الداخل والخارج، لكنها اليوم تصم آذانها وتغمض أعينها عن جرائم البارزاني وحزبه بحق أبناء الشعب الكردستاني”.
مقاطع الفيديو المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي للعوائل المهجرة قسراً من منازلهم، وصور الشهداء والمعتقلين، أعادت الى أذهان الناس، جريمة الأنفال التي ارتكبها النظام البعثي بحق أكراد حلبجة، لكن هذه المرة الجاني من أبناء جلدتهم، الذي يريد سلبهم حتى من المطالبة بحقوقهم المشروعة، بعد ان هيمن على مقدرات محافظات الشمال، وحولها الى مصدر لرفاهية العائلة البارزانية المهيمنة في داخل الإقليم وخارجه.
وتتسارع الأحداث في أربيل والأمور تتجه نحو التصعيد، ويبدو ان أبناء الهركي لن يتراجعوا هذه المرة إلا بعد تحقيق مطالبهم الاقتصادية والسياسية أيضاً، سيما بعد سقوط شهداء وجرحى واعتقال عدد كبير منهم، وبالتالي لا بدَّ من امتلاك ورقة ضغط للتفاوض واجبار البارزاني وحزبه على الانسحاب والاستجابة لقائمة المطالب التي تحتوي على خارطة لتنظيم العلاقة ما بين الطرفين.
ووجه حيدر الهركي أحد أبناء العشيرة، نداءً إلى شباب عشيرته دعاهم فيه إلى الاستعداد لمواجهة قوات الحزب الديمقراطي الكردستاني، حاثهم على “عدم التراجع” و”الاستعداد من كل الجهات”، مستخدماً عبارات حماسية مثل “فجروا قلوبكم” و”اختاروا الرجولة ولا تختاروا العار”، مؤكداً أنهم لن يسمحوا لأحد بالمساس بهم وبشرفهم.
الجدير ذكره، ان مصادر أكدت، ان الحزب الديمقراطي الكردستاني، وعد قبل الانتخابات شيوخ عشيرة الهركي بمنحهم مقاعد في البرلمان ضمن حصة الديمقراطي، بالإضافة الى تعيين ابنائهم في الشركات النفطية القريبة من القرية، لكن سرعان ما تبددت هذه الوعود بعد انتهاء الانتخابات، الأمر الذي أثار أبناء الهركية ودفعهم للخروج بتظاهرات، للمطالبة بالحقوق السياسية والاقتصادية.



