اخر الأخبارثقافية

الجدار.. عرض مسرحي قادر على تحويل المعاناة الفردية إلى قضية مشتركة

المراقب العراقي/ المحرر الثقافي..

يواصل المسرح العراقي، حضوره الفاعل في أيام قرطاج المسرحية، في إطار سياسة الانفتاح الثقافي والتبادل الإبداعي، وفي هذا الإطار، توّج العرض المسرحي العراقي “الجدار” بجائزة التانيت الفضي في أيام قرطاج المسرحية في تونس، اخراج سنان العزاوي، وجائزة السينوغرافيا للمبدع علي محمود السوداني، وترشّح العرض لجائزة أفضل ممثل ليحيى ابراهيم، وترشّح لجائزة أفضل نص للكاتب حيدر جمعة في إنجاز عراقي كبير في دار الأوبرا التونسية.

وتُعد مسرحية الجدار وهي من نص الكاتب حيدر جمعة وإخراج الفنان سنان محسن العزاوي ومن إنتاج الفرقة الوطنية للتمثيل، واحدة من الأعمال التي تعكس قدرة المسرح العراقي على مواصلة حضوره وتقديم رؤى فنية وإنسانية معاصرة ترتبط بواقع الإنسان وتحدياته.

وفي السياق، قدّم نقيب الفنانين العراقيين جبار جودي مدير عام دائرة السينما والمسرح، تهانيه وتبريكاته إلى فريق عمل مسرحية الجدار التي تمثّل العراق في المسابقة الرسمية لأيام قرطاج المسرحية في دورتها السادسة والعشرين، وذلك خلال حضوره العرض وتواصله المباشر مع صنّاع العمل.

وأعرب الدكتور جودي عن فخره بوجود عمل عراقي ضمن أهم المسابقات العربية المسرحية، مشيدًا بالمستوى الفني الرفيع الذي قدّمه فريق المسرحية وبالحضور المؤثر للفرقة الوطنية للتمثيل في المحافل الدولية، وقدّم لهم باقة من الزهور، تعبيرًا عن دعمه وتقديره، متمنيًا لهم مزيدًا من النجاح والانتشار العربي والدولي.

وأكد خلال لقائه بالفريق، أن هذه المشاركة تمثل خطوة مهمة في ترسيخ مكانة العراق المسرحية وتعزيز التواصل مع المهرجانات العربية، مشددًا على دعم النقابة لكل مبادرة أو عمل يرفع اسم الفن العراقي ويقدّمه بالصورة اللائقة.

من جهته، قال الكاتب أحمد عبد الله في قراءة نقدية خصَّ بها “المراقب العراقي”: ان “هناك عروضاً تعبر أمامك مثل ظلّ خفيف، وهناك عروض تتسلّل إلى داخلك تترك ندبة توقظ شيئًا كان نائمًا فيك… ومسرحية “الجدار” لسنان العزاوي تنتمي إلى النوع الثاني النوع الذي لا يُشاهد، بل يُختبر من الداخل، فمنذ اللحظة الأولى شعرت أنني لا أجلس في قاعة مسرح بل في محكمة مفتوحة تُحاكم فيها الأرواح، واحدة تلو الأخرى”.

وأضاف: ان “عرض “الجدار” يقدّم تجربة مسرحية تنطلق من سؤال جوهري: ماذا يحدث عندما تتحوّل المعاناة إلى جدار يفصل الإنسان عن ذاته وعن العالم؟ ومن هذا السؤال يبني المخرج سنان العزاوي عوالمه مستندًا إلى رؤية إخراجية تجعل من الخشبة، فضاءً مفتوحًا على العنف الرمزي، الصمت، والانهيار الداخلي للإنسان”.

وتابع: ان “العرض يشتغل على جسد الممثل كأداة رئيسة في التعبير، حيث تتحوّل الحركة إلى خطاب كامل يرثي واقعًا مختنقًا، وجع مجتمع يفرض الصمت كقانون، والخضوع كقدر، والجرح كزينة يومية وهذا التراكم يجعل الأداء متوترًا، متدفقًا، يلامس الحدود الفاصلة بين التمثيل والاعتراف”.

وأوضح، ان “السينوغرافيا قائمة على حضور الجدار كعنصر مركزي، ليس جدارًا ماديًا فقط، بل رمزًا، للخوف، وللتجارب التي تظل مدفونة تحت طبقات السكوت بينما نرى ان الإضاءة والموسيقى تعملان كدعامتين لتكثيف الحالة النفسية، مما يمنح كل مشهد عمقًا بصريًا وعاطفيًا مضطربًا”.

وبين، “أن الإخراج قدّم رؤية جريئة وغير مهادنة، فسنان العزاوي لم يبحث عن راحة الجمهور، بل عن صدمته الإيجابية، عن تلك اللحظة التي يجد فيها المتلقي نفسه أمام مرآة مكشوفة يرى من خلالها ما تجاهله طويلًا ونجح في خلق عرض يوازن بين القسوة الفنية والصدق الإنساني، بين الرمزية العالية والواقعية المؤلمة ويظلّ أهم ما يميّز “الجدار” هو قدرته على تحويل المعاناة الفردية إلى قضية مشتركة، ليصبح المسرح مساحة مواجهة وليست مجرد منصة عرض”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى