في حدث أثري نادر، يفتح نافذة جديدة على أسرار الحضارات القديمة في بلاد الرافدين، أعلنت بعثة تنقيب مشتركة في محافظة السليمانية شمالي العراق عن اكتشاف مبنى غامض يعود تأريخه إلى أكثر من خمسة آلاف سنة، يعتقد أنه كان مركزاً طقوسياً أو إدارياً في زمن ما قبل السلالات السومرية.
وذكرت مصادر في مديرية الآثار العامة بإقليم كردستان، أن البعثة المكونة من علماء آثار محليين وأجانب عثرت على أساسات حجرية ضخمة وغرف متصلة ببعضها عبر ممرات ضيقة، إضافة إلى قطع فخارية وأختام أسطوانية تحمل نقوشاً رمزية لم تُفسر بعد.
وقال رئيس البعثة الدكتور “دلشاد محمود”، إنّ طبيعة البناء غير مألوفة في مواقع العصور الحجرية المتأخرة، مشيراً إلى أن شكل الجدران وتصميم المداخل يوحيان بوجود وظيفة دينية أو فلكية للمكان، ربما كانت مرتبطة بعبادة النجوم أو تنظيم المواسم الزراعية.
وأضاف، ان الفريق استخدم تقنيات تحليل طبقات التربة والكربون المشع لتقدير عمر الموقع، ليتبيّن أنه يعود إلى نحو 3000 عام قبل الميلاد، أي في الفترة التي سبقت نشوء المدن السومرية في الجنوب.
وتسعى المديرية إلى تسييج الموقع وحمايته، تمهيداً لإجراء مزيد من الدراسات والكشف عن البنية الكاملة للمبنى، الذي قد يغيّر فهم الباحثين لتطور العمران والعقائد في شمال العراق القديم.
ويعد هذا الاكتشاف من أهم الاكتشافات الأثرية في إقليم كردستان خلال العقد الأخير، إذ يسلّط الضوء على الدور الذي لعبته مناطق الجبال والسفوح الشمالية في تشكيل هوية حضارة وادي الرافدين، تلك التي لا تزال تخبئ في جوفها قصص الإنسان الأول وبدايات الفكر والمدنية.
